منتدى بيت الأسرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى بيت الأسرة


 
الرئيسيةبوابة الأسرةأحدث الصورالتسجيلدخول
نرحب مجددا بجميع أعضاء بيت الأسرة ,, ويسعدنا تننشيط عضويتكم بالتواصل على جوالي بالنسبة للأعضاء ,, وعلى جوال أم عبدالله بالنسبة للأخوات ,, وبامكان الجميع التواصل معي على ايميلي aabohadi @hotmail.com ,, متمنين للجميع سنة جميلة مليئة بالحب والتواصل
 


 

 ذكر خَلْق آدم عليه السلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ماجد قادري
عضو ذهبي
عضو ذهبي
ماجد قادري


نقاط : 8661
سمعة العضو : 5
الموقع : صبيا

ذكر خَلْق آدم عليه السلام Empty
مُساهمةموضوع: ذكر خَلْق آدم عليه السلام   ذكر خَلْق آدم عليه السلام Icon_minitimeالجمعة أبريل 30, 2010 3:28 am

ذكر خَلْق آدم عليه السلام
ومِن الأحاديث في سلطانه خَلْق أبينا آدم عليه السلام وذلك لَما أراد الله تعالى أن يُطْلِعَ ملائكته عَلّى ما عَلِمَ من آنطواء إبليس على الكبر(1)ولم يعلمه الملائكة حتى دنا أمرُهُ من البوار ومُلْكًهُ من الزوال فقال للملائكة : (إني جَاعِل فِي الأرضِ خَلِيْفَة قَالًوا : أتَجْعَلُ فِيْهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيْهَا وًيسْفِكُ الدمَاءَ 00)(2)
رويَ عن ابن عباس أن الملائكة قالت ذلك للذي كانوا عهدوا من أمره وأمْر الجن الذين كانوا سكان الأرض قبل ذلك، فقالوا لربهم تعالى : أتجعل فيها من يكون مثل الجن الذين كانوا يسفكون الدماء فيها ويفسدون ويعصونك ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ! فقال الله لهم : (إنَي أعْلَمُ مَا لا تَعْلَمًون)(3)يعني من انطواء إبليس على الكِبْر، والعَزْم على خِلافِ أمْرِي، واغتراره، وأنا مُبْدٍ ذلك لكم منه لتروه عياناً.
فلما أراد الله أنْ يخلق آدم أمر جبريل أن يأتيه بِطيْن من الأرض، فقالت الأرضُ : أعوذُ بالله منك أن تنقص مني وتشينني.فرجع ولم يأًخذ منها شيئاً وقال : يا رب إنها عاذت بك فاعذتها، فبعث ميكائيل فاستعاذت منه فأعاذها فرجع، وقال مثل جبريل ؛ فبعث إليها مَلَك الموت فاستعاذت منه فقال : أنا أعوذ بالله أنْ أرجع ولم أنفذ أمر ربي فأخذ من وجه الأرض فخلطه ولم يأخذ من مكان واحد، وأخذ من تربة حمراء، وبيضاء، وسوداء، وطِيْناَّ لازِباً فلذلك خرج بنو آدم مختلفين.
وروى أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "إن الله تعالى خلق آدم من قَبْضَةٍ قَبَضَها
ـــــــــــ
(2)، (3)البقرة : 30.
مِنْ جميع الأرض فجاء بنو آدم على قَدْرِ الأرض منهم الأحمر والأسود، والأبيض، وبين ذلك، والسهل، والحَزْن، والخبيث، والطيب (1)، ثم بُلَّتْ طِيْنَتُهُ حتى صارت طِيْناً لازباً، ثم تركت حتى صارت حَمَأً مَسْنُوناً، ثم تركت حتى صارت صَلْصَالاً كما قال ربنا تبارك وتعالى) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسنونٍ )(2).
واللازبُ : الطين الملتزب بعضه ببعض - أي ثُمَ تُرك حتى تغير وأنتن وصار حمأً مسنوناً يعني منتناً ثم صار صلصالاً وهو الذي له صوت
وإنما سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض.قال ابن عباس : أمر اللّه بتربة آدم فرُفِعَتْ فخلق آدم من طينٍ لازب من حمأٍ مسنون، وإنما كان حمأ مسنوناً بعد الالتزاب فخلق منه آدم بيده لئلا يتكبر إبليس عن السجود له.قال : فمكث أربعين ليلة -وقيل أربعين سنة - جسداً ملقىً، فكان إبليس يأتيه فيضربُهُ برجلِهِ فيُصَلْصِلُ - أي يصوت - قال : فهو قول الله تعالى : (مِنْ صَلْصَال كَالفَخًار)(3) يقول : هو كالمنفوخ الذي ليس بمصْمَت.
ثم يدخل من فيه فيخرج من دُبُرِهِ ويدخل من دُبُرهِ فيخرج من فيه، ثم يقول : لستَ شيئاً ولشيءٍ ما خلقتَ، ولئن سلطتُ عليك لأهلِكَنَك، ولئن سلطتَ علي لأعصينك.فكانت الملائكة تمر به فتخافه، وكان إبليس أشدهم منه خوفاً.
فلما بلغ الحين الذي أراد الله أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة : (إذَا نَفَخْتُ فِيْهِ مِن رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِيْن) (4)فلما نفخ الروح فيه دخلت من قِبَل رَأسِهِ - وكان لا يجري شيء من الروح في جسده إلا صار لحماً- فلما دخلت الروح رأسه عطس، فقالت له الملائكة : قل الحمد لله -وقيل : بل ألهمه الله التحميد فقال : الحمد لله رب
العالمين.فقال الله له : رَحِمكَ رَبْك يا آدم.
فلما دخلتْ الروح عينيه نظر إلى ثِمَار الجنة فلما بلغتْ جَوْفَهُ اشتهى الطعام، فوثب قَبْلَ أن تبلغ الروحُ رجليه عجلان إلى ثمار الجنة، فلذلك يقول الله تعالى : (خُلقَ الإنْسَانُ منْ عَجَلٍ)(1) فسجد له الملائكة كلهم إلا إبليس أستكبر وكان من الكافرين.
فقال الله له : يا إبليس ما منعك أن تسجد إذْ أمرتك ؟ قال : أنا خير منه لم أكن لأسجد لبشرٍ خلقته من طين.فلم يسجد كِبْراً وَبَغْياً، وحَسَداً.فقال الله له (يا إبليس ما مَنَعَكَ أنْ تَسْجُدَ لما خَلَقْتُ بيدي -إلى قوله -لأملأن جَهَنم مِنْك وممن تبعَك منهم أجمعين)(2).
فلما فرغ من إبليس ومعاتبته وأبى إِلا المعصية أوقع عليه اللعنة، وأيأسه من رحمته، وجعله شيطاناً رجيماً، وأخرجه من الجنة.
وقال حُميْد بن هلال : نزل إبليس مختصراً فلذلك كره الاختصار في الصلاة.
ولما أنزل قال : يا رب أخرجتني من الجنة مِنْ أجل آدم وإنني لا أقوى عليه إلا بسلطانك قال : فأنت مسلط.قال : زدني.قال : لا يولد له ولد إلا وُيدَ لك مثله.قال : زدني، قال : صُدُورُهُم مساكنُ لك، وتجري منهم مجرى الدم.قال : زدني.قال : اجلُبْ عليهم بخيلك ورَجْلِك وشاركهم في الأموال والأولاد وعِدْهُم.
قال آدم : يا رب قد أنظرته وسلطته علي وإنني لا أمتنعُ منه إلآ بك، قال : لا يولد لكم ولد إلا وكلتُ به مَنْ يحفظه مِنْ قُرَنَاء السوء.قال : يا رب زدني.قال : الحسنة بِعَشْر أمثالها وأزيدها، والسيئة بواحدة أو أمحوها، قال ؛ يا رب زدني : قال :
(يَا عِبَادِيَ اَلّذِيْنَ أسْرَفُوا عَلَى أنفُسِهِم لا تَقْنَطُوا مِن رحْمَةِ اللهِ إن الله يَغْفِرُ الذنوبَ جَمِيْعَاً)(1).قال : يا رب زدني.قال التوبة لا نمنعها مِنْ ولدك ما كانت فيهم الروح.قال : يا رب زدني.قال : أغْفِرُ ولا أبالي قال : حسبي.
ثم قال الله لأدم : ائت أولئك النفر من الملائكة فقل : السلام عليكم.فأتاهم
فسلم عليهم.فقالوا له : وعليك السلام ورحمةُ الله.ثم رجع إلى ربه ؛ فقال : هذه تحيتُكَ وتحية ذريتك بينهم.فلما امتنع إبليس من السجود وظهر للملائكة ما كان مستتراً عنهم عَلمَ اللهُ آدم الأسماء كلها.
[الأسماء التي علمها اللّه تعالى لأدم]
واختلف العلماء في الأسماء، فقال الضحاك عن ابن عباس : علمه الأسماء كلها التي تتعارف بها الناس : إنسان، ودابة، وأرض، وسَهْل، وجبل، وفرس، وحمار، وأشباه ذلك حتى الفَسْوة، والفسية.وقال مجاهد وسعيد بن جبير مثله، وقال ابن زيد : علم أسماء ذريته، وقال الربيع : علم أسماء الملائكة خاصة.
فلما علمها عرض الله أهل الأسماء على الملائكة، فقال : (أنبئوني بأسماء هؤلاء إِنْ كنتم صادقين)(2) إني إنْ جعلت الخليفة منكم أطعتموني وقدستموني ولم تعصوني وإنْ جعلته من غيركم أفسد فيها وسفك الدماء فإنكم انْ لم لَعلموا أسماء هؤلاء وأنتم تشاهدونهم فبأن لا تعلموا ما يكون منكم ومن غيركم وهو مغيب عنكم أولى وأحرى
وهذا قول ابن مسعود ورواية أبي صالح عن ابن عباس.
وروي عن الحسن وقتادة أنهما قالا : لما أعلم الله الملائكة بخلق آدم واستخلافه وقالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء، وقال : إني أعلم ما لا تعلمون، قالوا فيما بينهم : ليخلق ربنا ما يشاء فلن يخلق خلقاً إلا كنا أكرم على الله منه وأعلم منه.فلما خلقه وأمرهم بالسجود له علِمُوا أنه خيرً منهم وأكرم على الله منهم.فقالوا : إن يك خيراً منا وأكرم علي الله منا فنخن أعلم منه، فلما أعجبوا بعلمهم ابتلوا بأنْ علمه الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال : أنبئوني بأسماء هؤلاء إنْ كنتم صادقين،
إني لا أخلق أكرم منكم ولا أعلم منكم.ففزعوا إلى التوبة واليها يفزع كل مؤمن فقالوا : (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم)(1) قالا: وعلمه اسم كل شيء من هذه الخيل، والبغال، والِإبل، والجن، والوحش وكل شيء.
ذكر إسكان آدم الجنة وإخراجه منها
فلما ظهر للملائكة مِنْ معصية إبليس وطغيانه ما كان مستتراً عنهم وعاتبه الله على معصيته بتركه السجود لأدم فأصَر على معصيته وأقام على غَيًهِ لعنه الله، وأخرجه من الجنة، وطرده منها، وسلبه ما كان إليه من مُلْك سماء الدنيا والأرض وخزن الجنة، فقال الله تعالى له : (اخرج منها) يعني من الجنة (فَإنًك رَجِيمْ وَإِنَ عَلَيْكَ اللَعْنَةَ إلى يَوْم الدِّيْن)(2) وأسكن آدم الجنة.
قال ابن عباس وابن مسعود : فلما أسكن آدم الجنة كان يمشي فيها فردأ ليس له زوج يسكن إليها، فنام نومة واستيقظ فإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه فسألها فقال : من انت ؟ قالت : امرأة.قال : ولم خلقت ؟ قالت : لتسكن إلي.قالت له الملائكة : -لينظروا مبلغ علمه –ما اسمها ؟ قال : حواء.قالوا : ولم سميت حواء؟ قال : لأنَها خلقتْ من حي.وقال الله له Sadيَا آدم اسكُنْ أنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنًة وَكُلا منها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا)(3) وقال ابنُ إسحاق فيما بلغه عن أهل الكتاب وغيرهم منهم عبدالله بن عباس قال : ألقى الله تعالى عن آدم النوم وأخذ ضلعاً من أضلاعه من شِقَه الأيسر ولأمَ مكانه لحماً وخلق منه حواء وآدم نائم، فلما استيقظ رآها إلى جنبه فقال : لحمي ودَمي ورُوحِي.فسكن إليها، فلما زوجه الله تعالى وجعل له سكناً من نفسه قال له Sadيَا آدم أسْكُنْ أنْتَ وزَوْجُكَ الجَنَةَ ولا تَقْرَبَا هذه الشًجَرَةَ فَتَكُونَا مِن الظَالِمين)(4).وعن مجاهد وقتادة مثله : " فلما أسكن اللّه آدم وزوجته الجنة أطلق لهما أن يأكلا كل ما أرادا من كل ثمارها غير ثمرة شجرة واحدة ابتلاءً منه لهما وليمضي قضاؤه فيهما وفي ذريتهما، فوسوس لهما الشيطان، وكان سبب وصوله إليهما أنه أراد دخولَ الجنة

فمنعته الخزنة، فأتى كل دابة من دواب الأرض وعرض نفسه عليها أنها تحمله حتى يدخل الجنة ليكلم آدم وزوجته فكل الدواب أبن عليه، حتى أتى الحية وقال لها : أمنعك من ابن آدم فأنت في ذمتي إنْ أنت ادخلتيني، فجعلته بين نابين من أنيابها ثم دخلت به وكانت كاسية على أربعة قوائم من أحسن دابة خلقها الله كأنها بختية(1) فأعراها الله وجعلها تمشي على بطنها"(2).
قال ابن عباس : " اقتلوها حيث وجدتموها واخفروا ذمة عدو الله فيها "(3).فلما دخلت الحية الجنة خرج إبليس مِنْ فِيًها فناحَ عليهما نياحة أحزنتهما حين سمعاها فقالا له : ما يبكيك ؟قال : أبكى عليكما ! تموتان فتفارقان ما أنتما فيه من النعمة والكرامة.فوقع ذلك في أنفسهما ثم أتاهما فوسوس لهما وقال : (يا آدم هل أدُلُّكَ على شَجَرَةِ الخُلْدِ ومُلْكٍ لا يَبْلَى)(4) وقال Smile مَا نَهاكُمَا رَبُكُمَا عن هذه الشجَرَةِ إلا أنْ تَكُونَا مَلَكَيْن أوْ تَكُونَا مِن الخَالِدِيْن وقَاسَمَهُمَا إني لَكُمَا لَمِن الناصِحِيْن)(5) أي : تكونا ملكَيْن أو تخلدا إنْ لم تكونا ملكين في نعمة الجنة.قال الله تعالى : (فَدَلاهُمَا بغُرُورٍ)(6) وكان انفعالُ حواءَ لوَسْوسته أعظم، فدعاها آدم لحاجته فقالت : لا- إلا أنْ تأتي ههنا- فلما أتى قالت : لا إلا أنُ تأكل من هذه الشجرة – وهي الحنطة(7)- قال : فأكلا منها فبدَتْ لهما سوآتهما – وكان لباسهما الظفر
فطَفِقَا بخصفان عليهما من وَرَقِ الجنة قيل كان ورق التين وكانت الشجرة مَنْ أكل منها أحدث وذهب آدم هارباً في الجنة فناداه ربه أن يا آدم مني تفر ؟ قال : لا يا رب ولكن حياء منك.فقال : يا آدم من أين أتِيْتَ ؟ قال : من قبل حواء يا رب (؟) فقال الله :فان لها علي أن أدميها في كل شهر، وأنْ أجعلها سفيهة وقد كنت خلقتها حليمة.وأنْ أجعلها تحمل كُرْهاً وتضع كُرْهاً وتُشْرِفُ على الموتِ مِرَاراً وقد كنت جعلتها تحمل يُسراً وتضعَ يسراً.ولولا بليتها لكان النساء لم يحضن ولكن حليمات ولَكُنّ يحملن يُسْراً.ويضن يُسْراً.وقال الله تعالى له : لألعنن الأرض التي خلقت منها لعنة يتحول ثمارها شوكاً ولم يكن في الجنة ولا في الأرض أفضل من الطلح والسدر.وقال للحية : دخل الملعون في جوفك حتى غر عبدي ! ملعونة أنت لعنةً يتحول بها قوائمك في بطنك ولا يكون لك رزق إلا التراب..أنت عَدُوةُ بني آدم وهم أعداؤك، حيث لقيتِ واحداً منهم أخذت بعقبه وحيث لقيك شدخ رأسك،اهبطوا بعضُكم لبعض عدو،آدم وإبليس والحية ؛ فاهبطهم إلى الأرض وسلب الله آدم وحواء كل ما كانا فيه من النعمة والكرامة.
قيل : كان سعيد بن المسيب يحلف بالله : ما أكل آدم من الشجرة وهو يعقل ولكن سقته حواء الخمر حتى سكر فلما سكر قادته إليها فأكل (1).
قلت : والعجب من سعيد كيف يقول هذا ؟(2) والله يقول في صفة خمر الجنة "لا فيها غول ".
ذكر اليوم الذي أسكن آدم فيه الجنة واليوم الذي أخرج فيه منها واليوم الذي تاب فيه
روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " خَيْرُ يوم طلعتْ فيه الشمسُ يوم الجمعة فيه

خلق آدم، وفيه أسكن الجنة، وفيه أهبط منها، وفيه تاب الله عليه، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة - يقللها - لا يوافقها عبدٌ مسلم يسأل الله فيها خيراً إلا أعطاه إياه (1).
قال عبدالله بن سلام : قد علمتُ أيَ ساعة هي، هي آخر ساعة من النهار.
[قدر لبث آدم في الجنة]
وقال أبوَ العالية : أخرج آدم من الجنة للساعة التاسعة أو العاشرة منه، وأهبط إلى الأرض لتسع ساعات مضين من ذلك اليوم وكان مُكثه في الجنة خمس ساعات منه، وقيل : كان مُكثه ثلاث ساعات منه.
فإن كان قائل هذا القول أراد أنه سكن الفردوس لساعتين مضتا من يوم الجمعة من أيام الدنيا التي هي على ما هي به اليوم فلم يبعد قوله من الصواب لأن الأخبار كذا كانت واردة عن السلف من أهل العلم بأنّ آدم خُلق آخر ساعة من اليوم السادس التي مقدار اليوم منها ألف سنة من سنيننا فمعلوم أن الساعة الواحدة من ذلك اليوم ثلاثة وثمانون عاماً من أعوامنا وقد ذكرنا أن آدم بعد أن خمر ربنا طينته بقي قبل أن ينفخ فيه الروح أربعين كلاماً وذلك لا شك أنم عنى به أعوامنا؟ ثم بعد أن نفخ فيه الروح إلى أن تناهى أمره وأسكن الجنة وأهبط إلى الأرض غير مستنكر أن يكون مقدار ذلك من، سنيننا قدر خمس وثلاثين سنة، وإن كان أراد أنه سكن الجنة لساعتين مضتا من نهار يوم الجمعة من الأيام التي مقدار اليوم منها ألف سنة من سنيننا فقد قال غير الحق
لأن كل من له قول في ذلك من أهل العلم يقول انه نفخ فيه الروح آخر نهار يوم الجمعة قبل غروب الشمس، وقد روى أبو صالح عن ابن عباس أن مكث آدم كان في الجنة نصف يوم كان مقداره خمسمائة عام، وهذا أيضاً خلاف ما وردت به الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن العلماء.
ذكر الموضع الذي أهبط فيه آدم وحواء من الأرض
قيل : ثم إن الله تعالى أهبط آدم قبل غروب الشمس من اليوم الذي خلقه فيه وهو
يوم الجمعة مع زوجته حواء منِ السماء فقال علي وابن عباس وقتادة وأبو العالية : إنه أهبط بالهند على جبل يقال له نوْد(1)من أرض سرنديب وحواء بجُدَة.
قال ابن عباس : فجاء في طلبها، فكان كلما وضَعَ قدمه بموضع صار قرية وما
بين خطوتيه مفاوز، فسار حتى أتى جمعاً فازدلفتْ إليه حواء فلذلك سميت المزدلفة، وتعارفا بعرفات فلذلك سميت عرفات.واجتمعا بجمع فلذلك سميت جمعاً.
وأهبطت الحية بأصْفَهَان لإبليس بمَيْسَان (2).وقيل اهبط آدم بالبرية وإبليس بالأبُتة(3).
قال أبو جعفر(4) : وهذا ما لا يوصل إلى معرفة صحته إلا بخبر يجيء مجيء الحجة ولا نعلم خبراً في ذلك غير ما ورد في هبوط آدم بالهند فان ذلك مما لا يدفع صحته علماء الاسلام (5)، قال ابن عباس : فلما أهبط آدم على جبل نود كانت رجلاه تمسّ الأرض ورأسه بالسماء يسمع تسبيح الملائكة فكانت تهابه،فسألت الله أن ينقص من طوله فنقص طوله إلى ستين ذراعاً، فحزن آدم لما فاته من الأنس بأصوات الملائكة وتسبيحهم فقال : يا رب ! كنت جارك في دارك ليس لي رب غيرك ادخلتني جنتك آكل منها حيث شئت فاهبطتني إلى الجبل المقدس فكنت أسمع أصوات الملائكة وأجد ريح الجنة فحططتني إلى ستين ذراعاً فقد انقطع عني الصوت والنظر وذهبت عني ريح الجنة، فأجابه اللهّ تعالى بمعصيتك يا آدم فعلت بك ذلك.
فلما رأى اللهّ تعالى عرى آدم وحواء أمره أن يذبح كبشاً من الضأن من الثمانية الأزواج التي أنزلها الله من الجنة فأخذ كبشأ فذبحه وأخذ صوفه فغزلته حواء ونسجه آدم فعمل لنفسه جبة ولحواء درعاً وخماراً فلبسا ذلك.

وقيل : أرسل إليهما مَلَكَا يعلنهما ما يلبسانه من جلود الضأن والأنعام.وقيل
كان ذلك لباس أولاده وأما هو وحواء فكان لباسهما ما كانا(1) خَصَفَاً من ورق الجنة.
[ما يزعم من بناء آدم للبيت]
فأوحى الله إلى آدم : إنّ لي حَرَماً حيال عرشي فانطلق وابن لي بيتاً فيه ثم حف به كما رأيت ملائكتي يحفون بعرشي فهنالك أستجيب لك ولولدك من كان منهم في طاعتي، فقال آدم : يا رب ! وكيف لي بذلك لست أقرى عليه ولا أهتدي إليه ؟ فقيض الله ملكاً فانطلق به نحو مكة.وكان آدم إذا مر بروضة قال للملك : انزل بنا ههنا فيقول الملك مكانك.حتى قدم مكة فكان كل مكان نزله آدم عمراناً وما عداه مفاوز فبنى البيت من خمسة أجبل من طور سيناء وطور زيتا ولبنان والجودي، وبنى قواعده من حراء، فلما فرغ من بنائه خرج به الملك إلى عرفات، فأراه المناسك التي يفعلها الناس اليوم، ثم قدم به مكة فطاف بالبيت أسبوعاً، ثم رجع إلى الهند فمات على نود.
فعلى هذا القول أهبط حواء وآدم جميعاً وإن آدم بنى البيت وهذا خلاف الذي
نذكره إن شاء اللهّ تعالى منه : أن البيت أنزل من السماء.
وقيل : حج آدم من الهند أربعين حجة ماشياً.
ولما أنزل إلى الهند كان على رأسه إكليل من شجر الجنة فلما وصل إلى الأرض
يبس فتساقط ورقه، فنبتت منه أنواع الطيب بالهند.وقيل بل الطيب من الورق الذي خصفه آدم وحواء عليهما، وقيل : لما أمر بالخروج من الجنة جعل لا يمر بشجرة منها إلا أخذ منها غصناً فهبط وتلك الأغصان معه فكان أصل الطيب بالهند منها.وزوده الله من ثمار الجنة فثمارنا هذه منها غير أن هذه تتغير وتلك لا تتغير، وعلمه صنعة كل شيء، ونزل معه بعض طيب الجنة، والحجر الأسود -وكان أشد بياضاً من الثلج وكان مز، ياقوت الجنة -، ونزل معه عصا موسى وير من آس الجنة أو من لبان، وأنزل بعد ذلك العلاة، والمطرقة، والكلبتان وكان حسن الصورة لا يشبهه من ولده غير يوسف.
وأنزل عليه جبريل بِصُرة فيها حنطة فقال آدم : ما هذا ؟ قال : هذا الذي أخرجك من الجنة.فقال : ما أصنع به ؟ فقال : انثره في الأرض ففعل فأنبته الله من ساعته ثم حصده وجمعه وفركه وذراه وطحنه وعجنه وخبزه، كل ذلك بتعليم جبريل عليه السلام وجمع له جبريل الحجر والحديد فقدحه فخرجت منه النار، وعلمه جبريل صنعة.الحديد والحراثة وانزل اليه ثوراً فكان يحرث عليه، قيل هو الشقاء الذي ذكره الله تعالى بقوله : (فَلا يُخْرِجنكُمَا مِن الجَنةِ فَتَشْقَى)(1) ثم إن الله أنزل آدم من الجبل وملكه الأرض وجميع ما عليها من الجن والدواب والطير وغير ذلك فشكا إلى الله تعالى وقال :
يا رب ! أما في هذه الأرض من يسبحك غيري ؟ فقال الله تعالى : سأخرج من صلبك من يسبحني ويحمدني، وسأجعل فيها بيوتاً ترفع لذكري وأجعل فيها بيتاً أختصه بكرامتي وأسميه بيتي، وأجعله حرماً آمناً فمن حرمه بحرمتي فقد استوجب كرامتي، ومن أخاف أهله فيه فقد خفر ذمتي، وأباح حرمتي، أول بيت وضع للناس فمن اعتمده لا يريد غيره فقد وفد إلي وزارني وضافني ويحق على الكريم أن يكوم وفده وأضيافه وأن يسعف كلًا بحاجته، تعمره أنت يا آدم ما كنت حياً، ثم تعمره الأمم والقرون والأنبياء من ولدك أمة بعد أمة.
ثم أمر آدم أن يأتي البيت الحرام وكان قد أهبط من الجنة ياقوتة واحدة، وقيل درة
واحدة وبقي كذلك حتى أغرق الله قوم نوح عليه السلام فرفع وبقي أساسه فبوأ الله لإبراهيم عليه السلام فبناه على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
وسار آدم إلى البيت ليحجه ويتوب عنده وكان قد بكى هو وحواء على خطيئتهما
وما فاتهما من نعيم الجنة مائتي سنة ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوماً، ثم أكلا وشربا بعدها ومكث آدم لم يقرب حواء مائة عام فحج البيت وتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه وهي : قوله تعالى : (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)(2).

ذكر إخراج ذرية آدم من ظهره وأخذ الميثاق
روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أخذ الله الميثاق على،ذرية آدم بنَعْمَان من عَرَفة فأخرج من ظهره كل ذرية ذرأها إلى أن تقوم الساعة فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلًا وقال : ألست بربكم ؟ (قالوا بَلَىَ شَهِدْنَا، أنْ تَقُولُوا يَوْمَ القِيامَةِ إلى قوله : (بِمَا فَعَلَ المُبْطِلُون)(1).
[الغريب]
نَعْمانَ بفتح النون الأولى.
وقيل : عن ابن عباس أيضاً : أنه أخذ عليهم الميثاق بدَحْنَا موضع.
وقال السري : أخرج الله آدم من الجنة ولم يهبطه إلى الأرض من السماء، ثم
سمح صفحة ظهره اليمنى فأخرج ذرية كهيئة الذرٌ بيضاء مثل اللؤلؤ فقال لهم : ادخلوا الجنة برحمي، ومسح صفحة ظهره اليسرى فخرج منها كهيئة الذر سوداء فقال : ادخلوا النار ولا أبالي فذلك حمِن يقول أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ثم أخذ منهم الميثاق فقال : ألست بربكم ؟ قالوا : بلى فأعطوه الميثاق، طائفة طائعين وطائفة على وجه التقية.
ذكر الأحداث التي كانت في عهد آدم في الدنيا [قتل ابن آدم أخيه]
وكان أول ذلك قتل قابيل بن آدم أخاه هابيل وأهل العلم مختلفون في اسم قابيل
بعضهم يقول " قَيْن " وبعضهم يقول (قائين) وبعضهم يقول قاين وبعضهم يقول قابيل.
واختلفوا أيضاً في سبب قتله فقيل : كان سببه أن آدم كان يغشى حواء في الجنة
قبل أن يصيب الخطيئة فحملت له فيها بقابيل بن آدم وتوأمته فلم تجد عليهما وحماً ولا وصباً ولم تجد عليهما طَلْقاً حين ولدتهما ولم تر معهما دماً لطُهْر الجنة فلما أكلا من الشجرة وهبطا إلى الأرض فاطمأنا بها تغشاها فحملت بهابيل وتوأمته فوجدت عليهما
الوحم والوصب والطلق حين ولدتهما ورأت معهما الدم وكانت حواء فيما يذكرون لا تحمل إلا توأماً ذكراً وأثثى فولدت حواء لأدم أربعين ولداً لصلبه من ذكر وأنثى في عشرين بطناً وكان الولد منهم أي أخواته شاء تزوج إلا توأمته التي تولد معه فإنها لا تحل له وذلك أنه لم يكن يومئذ نساء إِلا أخواتهم وأمهم حواء فأمر آدم ابنه قابيل أن ينكح توأمة هابيل وأمر هابيل أن ينكح توأمة أخيه قابيل.
وقيل : بل كان آدم غائباً وكان لما أراد السير قال للسماء : احفظي ولدي بالأمانة
فأبتْ، وقال للأرض فأبت، وللجبال فأبت، وقال لقابيل فقال : نعم تذهب وترجع وستجد ما يسرك فانطلق آدم فكان ما نذكره وفيه قال الله تعالى : (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوماً جهولاً).
فلما قال آدم لقابيل وهابيل في معنى نكاح أختيهما ما قال لهما سَلم هابيل لذلك ورضي به وأبى ذلك قابيل وكرهه تكرهاً عن أخت هابيل ورغب بأخته عن هابيل، وفال : نحن من ولادة الجنة وهما من ولادة الأرض فأنا أحق بأختي.
وقال بعض أهل العلم : إن أخت قابيل كانت من أحسن الناس فضن بها على
أخيه وأرادها لنفسه وانهما لم يكونا من ولادة الجنة، إنما كانا من ولادة الأرض والله أعلم، فقال له أبوه آدم : يا بني إنها لا تحل لك فأبى أن يقبل ذلك من أبيه فقال له أبوه يا بني فقربْ قرباناً ويقرب أخوك هابيل قرباناً فأيكما قبل الله قربانه فهو أحق بها -وكان قابيل على بَذْر الأرض وهابيل على رعاية الماشية - فقربَ قابيل قمحاً وقرب هابيل أبكاراً من أبكار غنمه، وقيل : قرب بقرة فأرسل الله ناراً بيضاء، فأكلتْ قربان هابيل وتركت قربان قابيل وبذلك كان يقبل القربان إذا قَبِلَهُ الله فلما قبل الله قربان هابيل وكان في ذلك القضاء له بأخت قابيل غضب قابيل وغلب عليه الكبر واستحوذ عليه الشيطان قال :لأقتلنك حتى لا تنكح أختي.قال هابيل : (إنما يَتَقَبلُ الله مِن المُتقِيْن.لَئِن بَسَطْتَ إلف يَدَكَ.لِتَقْتُلَنِي مَا أنا ببَاسِطٍ يدِيَ إلَيْك لأقْتُلَكَ) إلى قوله (فَطَوعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أخِيْهِ)(1) فاتبعه وهو في ماشيته فقتله.
فهما اللذان قصي الله خبرهما في القرآن فقال : (وَآتْل عَلَيْهمْ نَبَأ أبنَي آدم بالحَق
إذْ قَربَا قُرْباناً فتُقُبِّلَ مِنْ أحَدِهِمَا وَلَم يُتَقَبَّلْ مِن الآخَرِ)(1) إلى اخر القصة : قال : فلما قتله سُقِطَ في يده ولم يَدْرِ كيف يواريه - وذلك أنه كان - فيما يزعمون - أول قتيل من بني آدم فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه (قال : يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين) إلى قوله (المسرفون)(2) فلما قتل أخاه قال الله تعالى : يا قابيل أين أخوك هابيل ؟ قال لا ادري ما كنتُ عليه رقيباً.فقال الله تعالى : إن صوت دم أخيك يناديني من الأرض الآن أنت معلون من الأرض التي فتحت فَاهَا فبلعَتْ دم أخيك فإذا أنت عملت في الأرض فإنها لا تعود تعطيك حرثها حق تكون فزعاً تائهاً في الأرض.فقال قابيل : عظمت خطيئتي إن لم تَغفرها.
قيل : كان قتلة عند عقبة حِرَاء(3).
ثم نزل من الجبل آخذاً بيد أخته وهرب بها إلى عَدَن من اليمن.
ولما قتل هابيل كان عمره عشرين سنة وكان لقابيل يوم قتله خمس وعشرون
سنة.وقال الحسن : كان الرجلان - اللذان ذكرهما الله لَعالى في القران بقوله : (واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق) من بني إسرائيِل ولم يكونا من بني آدم لصلبه وكان آدم أول من مات، وقال أبو جعفر(5) : الصحيح عندنا أنهما ابنا آدم لصلبه للحديث الصحيح
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كِفْلٌ (1) منها وذلك لأنه أول من سَن القتل "(2) فبان بهذا أنهما لصلب آدم فإن القتل ما زال بين بني آدم قبل بني إسرائيل وفي هذا الحديث أنه أول من سن القتل (3).
ومن الدليل على أنه مات من ذرية آدم قبله ما ورد في تفسير قوله تعالى : (هو
الذي خلقكم من نفس واحدة) إلى قوله : (جعلا له شركاء فيما آتاهما)(4) عن ابن عباس وابن جبير والسري وغيرهم قالوا : كانت حواء تلد لأدم فتعَبدْهُم أي تسميهم عبد اللُه وعبد الرحمن ونحو ذلك فيصيبهم الموت فأتاهما إبليس فقال : لو سميتما بنير هذه الأسماء لعاش ولدكما فولدت ولداً فسمته عبد الحارث وهو اسم إبليس فنزلت Smile هُوَ الذِي خَلَقَكُم مِن نفْسٍ وَاحِدَةٍ) الآيات، وقد روي هذا المعنى مرفوعاً (5).
قلت : إنما كان الله تعالى يميت أولادهم أولاً وأحيا هذا المسمى بعبد الحارث
امتحاناً واختباراً وإنْ كان الله تعالى يعلم الأشياء بغير امتحان علماً لا يتعلق به الثواب والعقُاب(1).ومن الدليل على أن القاتل والمقتول ابنا آدم لصلبه ما رواه العلماء عن علي بن أبي طالب أن آدم قال، لما قتل هابيل :
تَغَيرَتِ البِلادُ وَمَنْ عَلَيْها فَوَجْهُ الأرْضُ مُغْبر قبيح
تَغَير كُلُّ ذِي طَعْمٍ وَلَوْنٍ وَقَل بَشَاشَةُ الوَجْهِ المَلِيحِ (2)
في أبيات غيرها [جُيُومَرْث] وقد زعم أكثر علماء الفرس أن جيومرث هو آدم،
وزعم بعضهم أنه ابن آدم لصلبه من حواء وقالوا فيه أقوالًا كثيرة يطول بذكرها الكتاب إذْ كان قصدنا ذكر الملوك وأيامهم ولم يكن ذكر الاختلاف في نسب ملك من جنس ما أنشأنا له الكتاب فان ذكرنا من ذلك شيئاً فلتعريف من ذكرنا ليعرفه من لم يكن عارفاً به وقد خالف علماء الفرس فيما قالوا من ذلك آخرون من غيرهم ممن زعم أنه غير آدم ووافق علماء الفرس على اسمه، وخالفهم في عينه وصفته، فزعم أن جيومرث الذي زعمت الفرس أنه آدم إنما حام بن يافث بن نوح، وأنه كان معمراً، سيداً نزل جبل دنباوند من جبال طبرستان من أرض المشرق، وتملك بها وبفارس، وعَظُم أمره وأمر
ولده حتى ملكوا بابل وملكوا في بعض الأوقات الأقاليم كلها.
وابنتى جيومرث المدن والحصون وأعد السلاح، واتخذ الخيل، وتجبَر في آخر
أمره، وتسمى بآدم وقال : مَنْ سمّاني بغيره قتلته وتزوج ثلاثين امرأة فكثر منهن نسله، وإن مارى ابنه وماريانة أخته ممن كانا ولدا في آخر عمره فأعجب بهما وقدمهما فصار الملوك من نسلهما.
قال أبو جعفر : وإنما ذكرت مِنْ أمر جيومرث في هذا الموضع ما ذكرتُ لأنه لا
تدافع بين علماء الأمم أنه أبو الفرس من العجم، وإنما اختلفوا فيه هل هو آدم أبو البشر أم غيره ؟ على ما ذكرناه ومع ذلك فلأن ملكه وملك أولاده لم يزل منتظماً على س جماذ، متصل بأرض المشرق وجبالها إلى أنْ قتل يزدجرد بن شهريار بمرو أيام عثمان بن عفان، والتاريخ على أسماء ملوكهم أسهل بياناً وأقرب إلى التحقيق منه على أعمار ملوك غيرهم من الأمم إذ لا يعلم أمة من الأمم الذين ينتسبون إلى آدم دامت لهم المملكة واتصل الملك لملوكهم يأخذه آخرهم عن أولهم وغابرهم عن سالفهم سواهم.
**
وأنا ذاكر ما أنتهى إلينا من القول في عمر آدم وأعمار من بعده من ولده من الملوك والأنبياء، وجيومرث أبي الفرص فأذكر ما اختلفوا فيه من أمرهم إلى الحال التي اجتمعوا عليها واتفقوا على ملك منهم في زمان بعينه أنه هو الملك في ذلك الزمان إن شاء الله.وكان آدم مع ما أعطاه اللّه تعالى من ملك الأرض نبياً رسولاً إلى ولده، وأنزل الله عليه إحدى وعشرين صحيفة كتبها آدم بيده علمه إياها جبريل.روى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً أ قال : قلت يا رسول الله ! كم الرسل من ذلك ؟ قال : ثلثمائة وثلاثة عشر جماً غفيراً يعني كثيراً طيباً.قال : قلت من أولهم ؟ قال : آدم.قال : قلت يا رسول الله ! وهو نبي مرسل ؟ قال : نعم خَلَقَه الله بيده ونفخ فيه من روحه ثم سواه رجلاً.
وكان ممن أنزل عليه تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وحروف المعجم في
إحدى وعشرين ورقة.

ذكر ولادة شيث
ومن الأحداث في أيامه ولادة شيث وكانت ولادته بعد مضي مائة وعشرين سنة
لأدم وبعد قتل هابيل بخمس سنين، وقيل ولد فرداً بغير توأم، وتفسير شيث " هبة الله " ومعناه أنه خلف من هابيل وهو وصي آدم، وقال ابن عباس : كان معه توأم ولما حضرتْ آدم الوفاة عهد ابن شيث وعَتمه ساعات الليل والنهار وعبادة الخلوة في كل ساعة منها وأعلمه بالطوفان وصارت الرياسة بعد آدم إليه، وأنزل الله عليه خمسين صحيفة، وإليه " أنساب بني آدم كلهم اليوم.وأما الفرس الذين قالوا : إنّ جيومرث هو آدم فإنهم قالوا : ولد لجيومرث ابنته ميشان أخت ميشى وتزوج ممِشى أخته ميشان فولدت له سيامك وسيامى فولد لسيامك بن جيومرث أفروال، ودقس، وبواسب، وأجرب، وأوراش،وأمهم جميعاً سيامى ابنة ميشى، وهي أخت أبيهم.وذكروا أن الأرض كلها سبعة أقاليم فأرض بابل وما يوصل إليه مما يأتيه الناس براً وبحراً فهو من إقليم واحد وسكانه ولد أفروال بن سيامك وأعقابهم.
فولد لافروال بن سيامك من افرى ابنة سيامك أوشهنج بيشداد الملك وهو الذي
خلف جده جيومرث في الملك وهو أول من جمع مُلك الأقاليم السبعة وسنذكر أخباره،وكان بعضهم يزعم أن أوشهنج هذا هو ابن آدم لصلبه من حواء.
وأما ابن الكلي فإنه زعم أن أول من ملك الأرض أوشهنج بن عابر بن شالخ بن
ارفخشذ بن سام بن نوح قال : والفرس تزعم أنه كان بعد آدم بمائتي سنة وإنما كان بعد نوح بمائتي سنة ولم تعرف الفرس ما كان قبل نوح.
والذي ذكره هشام بن الكلبي لا وجه له لأن أوشهنج مشهور عند الفرس وكل قوم
أعه لم بأنسابهم وأيامهم من غيرهم.قال : وقد زعم بعض نسابة الفرس أن أوشهنج هذا هو مهلائيل وأن أباه أفروال هو قينان وأن سيامك هو انوش أبو قينان وأن ميشى هو شيث أبو أنوش وأنّ جيومرث هو آدم فإنْ كان الأمر كما زعم فلا شك أن أوشهنج كان في زمن آدم رجلاً وذلك لأن -مهلائيل فيما ذكر في الكتب الأولى كانت ولادة أمه دينه ابنة براكيل بن محويل بن خنوخ بن قين بن آدم وأتاه بعد ما مضى من عمر آدم ثلثمائة سنة وخمس وتسعون سنة وقد كان له حين وفاة آدم ستمائة سنة وخمس وستون سنة على حساب أن عمر آدم كان ألف سنة.وقد زعمت الفرس أن ملك أوشهنج كان أربعين سنة فان كان
الأمر على ما ذكره النسابة الذي ذكرت منه ما ذكرت فما يبعد من قال : أن ملكه كان بعد وفاة آدم بمائتي سنة.
ذكر وفاة آدم عليه السلام
ذُكر أنّ آدم مرض أحد عشر يوماً وأوصى إلن ابنه شيث وأمره أنْ يخفي علمه عن قابيل وولده لأنه قتل هابيل حسداً منه له حين خصه آدم بالعلم فأخفى شيث وولده ما عندهم من العلم ولم يكن عند قابيل وولده علم ينتفعون به.وقد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم " أنه قال : قال الله تعالى لآدم حين خلقه : أنت أولئك النفر من الملائكة فقل : " السلام عليكم ".فأتاهم فسلم عليهم وقالوا له : " عليك السلام ورحمة الله ".ثم رجع إلى ربه فقال له : هذه تحيتك وتحية ذريتك بينهم.ثم قبض له يديه فقال له : خذ واختر فقال : أحببت يمين ربي وكلتا يديه يمين.ففتحها له فإذا فيها صورة آدم وذريته كلهم، وإذا كل رجل منهم مكتوب عنده أجله وإذا آدم قد كتب له عمر ألف سنة وإذا قومٌ عليهم النور.
فقال : يا رب مَنْ هؤلاء الذين عليهم النور؟ فقال : هؤلاء الأنبياء والرسل الذين أرسلهم إلى عبادي.وإذا فيهم رجل هو من أضوئهم نوراً ولم يكتب له من العمر إلا أربعين سنة.فقال آدم : يا رب ! هذا من أضوئهم نوراً ولم تكتب له إلا أربعين سنة؟ بعد أن أعلمه أنه داود عليه السلام.فقال : ذلك ما كتبت له فقال : يا رب انقص له من عمري ستين سنة.فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلما أهبط إلى الأرض يعد أيامه فلما أتاه ملك الموت لقبضه قال له آدم :عجلت يا ملك الموت قد بقيَ من عمري ستون سنة فقال له ملك الموت : ما بقي شيء سألتَ ربك أن يكتبه لإبنك داود.فقال : ما فعلتُ.فقال النبي صلى الله عليه وسلم فنسي آدم فنسيت ذريته، وجحد فجحدت ذريته.فحينئذ وضع الله الكتاب وأمر بالشهود(1)".
وروي عن ابن عباس قال : لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول مَنْ جحد آدم ثلاث فرار، وإن الله لما خلقه مسح ظهره فأخرج منه ما هو ذرائي.إلى يوم القيامة فجعل يعرضهم على آدم فرأى منهم رجلاً يزهر قال : أي رب أي بني هذا؟ قال :ابنك داود.قال : كم عمره ؟ قال : ستون سنة.قال : زِدْه من العمر.قال الله تعالى : لا إلا أن تزيده أنت.وكان عمر آدم ألف سنة فوهب له أربعين سنة فكتب عليه بذلك كتاباً وأشهد عليه الملائكة.فلما احتُضِر آدم أتته الملائكة لتقبض روحه فقال : قد بقيَ من عمري أربعون سنة.قالوا: إنك قد وهبتها لابنك داود.قال : ما فعلتُ ولا وهبت له شيئاً.فأنزل الله عليه الكتاب وأقام الملائكة شهوداً.فاكمل لأدم ألف سنة وأكمل.لداود مائة سنة ".
وروي مثل هذا عن جماعة منهم سعيد بن جبير، وقال ابن عباس : كان عمر آدم
تسعمائة سنة وستاً وثلاثين سنة وأهل التوراة يزعمون أن عمر آدم تسعمائة سنة وثلاثون سنة والأخبار عن رسول الله والعلماء ما ذكرنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق، وعلى رواية أبي هريرة التي فيها أنّ آدم وهب داود من عمر ستين سنة لم يكن كثير اختلاف بين الحديثين وما في التوراة من أن عمره كان تسعمائة وثلاثين سنة فلعل الله ذكر عمره في التوراة سوى ما وهبه لداود.قال ابن إسحق عن يحيى بن عباد عن أبيه قال : بلغني أنّ آدم حين مات بعث الله بكفنه وحنوطه من الجنة، ثم وَبيَتْ الملائكةُ قبره ودفنه حتى غَيبوه.وروى أبَيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم Sadأن آدم حين حضرته الوفاة بعث الله إليه بحنوطه وكفنه من الجنة، فلما رأت حواء الملائكة ذهبت لتدخل دونهم فقال : خلي عَنْي وعن رسل ربي فما لقيت ما لقيت إلا منك، ولا أصابني ما أصابني إلا فيك.فلما قبض غسلوه بالسدر والماء وتراً وكفنوه في وتر من الثياب ثم لَحّدوا له ودفنوه ثم قالوا :هذه سُنَة ولد آدم من بعده ".قال ابن عباس : لما مات آدم قال شيث لجبرائيل : صل عليه.فقال :تقدمْ أنت فصل علىِ أبيك.فكبر عليه ثلاثين تكبيرة فأما خمس فهي الصلاة وأما خمس وعشرون تفضيلاَ لآدم.وقيل : دفن في غار في جبل أبي قبيس يقال له غار الكبر.وقال ابن عباس : لما خرج نوح من السفينة دفن آدم ببيتَ المقدس وكانت وفاته يوم الجمعة كما تقدم.، وذكر أن حواء عاشت بعده سنة ثم ماتت فدفنت مع زوجها في الغار الذي ذكرت إلى وقت الطوفان واستخرجهما نوح وجعلهما في تابوت ثم حملهما معه في السفينة فلما غاضت بالأرض الماء ردهما إلى مكانهما الذي كانا فيه قبل الطوفان.قال : وكانت حواء فيما ذكر قد غزلتْ، ونسجتْ، وعجنتْ، وخبزتْ،وعملت أعمال النساء كلها.
وإذ قد فرغنا من ذِكْر آدم وعدوه إبليس وذِكر أخبارهما وما صنع الله بعدوه وإبليس حين تجبر وتكبر من تعجيل العقوبة وطغى وبنى من الطرد والإبعاد والنظرة إلى يوم الدين، وما صنع بآدم إذ أخطأ ونسي من تعجيل العقوبة له ثم تغمده اللُه بالرحمة إذ تاب من زلته فأرجع إلى ذكر قابيل وشيث ابني آدم وأولادهما إن شاه الله.
ذكر شيث بن آدم عليه السلام
قد ذكرنا بعض أمره، وأنه كان وَصِي آدم في مخلفيه بعد مضيه لسبيله، وما أنزل الله عليه من الصحف.وقيل : إنه لم يزل مقيماً بمكة يحج ويعتمر إِلى أنْ مات، وأنه كان جمع ما أنزل عليه وعلى أبيه آدم من الصحف وعمل بما فيها، وأنّه بنى الكعبة بالحجارة والطين.
وأما السلف من علمائنا فإنهم قالوا : لم تزل القبة التي جعل الله لأدم مكان البيت
إلى أيام الطوفان فرفعها الله حين أرسل الطوفان.وقيل : إنّ شيئاً لما مَرِضَ أوصى إلى ابنه أنوش ومات فدفن مع أبويه بغار أبي قبيس وكان مولده لمضي مائتي سنة وخمس وثلاثين سنة من عمر آدم وقيل غير ذلك وقد تقدم.وكانت وفاته وقد أتت عليه تسعمائة سنة واثنتا عشرة سنة.
[ذكر عقب شيث]
وقام أنوش بن شيث بعد موت أبيه بسياسة الملك وتدبير من تحت يديه من رعيته
مقام أبيه لا يوقف منه على تغيير ولا تبديل، فكان جميع عُمر أنوش سبعمائة وخمس سنين، وكان مولده بعد أنْ مضن من عمر أبيه شيث ستمائة سنة وخمس سنين وهذا قول أهل التوراة.
وقال ابن عباس : ولد لشيث أنوش وولد معه نفراً كثيراً وإليه أوصى شيث، ثم ولد لانوش بن شيث ابنه قينان من أخته نعمة بنت شيث بعد مضي تسعين سنة من عمر أنوش، وولد معه نفراً كثيراً وإليه الوصية.وولد قينان : مهلائيل ونفراً كثيراً معه وإليه الوصية.وولد مهلائيل : يرد وهو اليارد ونفراً معه وإليه الوصية.فولد يرد خنوخ وهو إدريس النبي ونفراً معه وإليه الوصية.وولد خنوخ : متوسلخ ونفراً معه وإليه الوصية.
وأما التوراة ففيها أن مهلائيل ولد بعد أن مضى من عمر آدم عليه السلام ثلاثمائة وخمس وتسعون سنة ومن عمر قينان سبعون، وولد يرد لمهلائيل بعد ما مضى من عمر آدم أربعمائة سنة وستون سنة فكان على منهاج أبيه غير أن الأحداث بدأت في زمانه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ذكر خَلْق آدم عليه السلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ابن كثير الفصل الثاني الباب 2 قصة هود عليه السلام
» ابن كثير الفصل الثاني الباب 2 قصة ايوب عليه السلام
» ابن كثير الفصل الثاني الباب 2 قصة اليأس عليه السلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى بيت الأسرة :: المنتدى الاسلامي :: المكتبة الاسلامية-
انتقل الى: