هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى بيت الأسرة
نرحب مجددا بجميع أعضاء بيت الأسرة ,, ويسعدنا تننشيط عضويتكم بالتواصل على جوالي بالنسبة للأعضاء ,, وعلى جوال أم عبدالله بالنسبة للأخوات ,, وبامكان الجميع التواصل معي على ايميلي aabohadi @hotmail.com ,, متمنين للجميع سنة جميلة مليئة بالحب والتواصل
ابن كثير الفصل الثاني الباب 2قصة ابراهيم الخليل بناء الكعبة المشرفه
كاتب الموضوع
رسالة
ماجد قادري عضو ذهبي
نقاط : 8852 سمعة العضو : 5 الموقع : صبيا
موضوع: ابن كثير الفصل الثاني الباب 2قصة ابراهيم الخليل بناء الكعبة المشرفه الجمعة أبريل 23, 2010 10:15 pm
* بناء البيت العتيق @ قال الله تعالى وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ظامر يأتين من كل فج عميق وقال تعالى إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين وقال تعالى وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم يذكر تعالى عن عبده ورسوله وصفيه وخليله إمام الحنفاء ووالد الأنبياء عليه أفضل صلاة وتسليم أنه بنى البيت العتيق الذي هو أول مسجد وضع لعموم الناس يعبدون الله فيه وبوأه الله مكانه أي أرشده إليه ودله عليه وقد روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وغيره أنه أرشد إليه بوحي من الله عز وجل وقد قدمنا في صفة خلق السموات أن الكعبة بحيال البيت المعمور بحيث أنه لو سقط لسقط عليها وكذلك معابد السموات السبع كما قال بعض السلف إن في كل سماء بيتا يعبد الله فيه أهل كل سماء وهو فيها كالكعبة لأهل الارض فأمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام أن يبني له بيتا يكون لأهل الأض كتلك المعابد لملائكة السماء وأرشده الله إلى مكان البيت المهيأ له المعين لذلك منذ خلق السموات والأرض كما ثبت في الصحيحين أن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ولم يجيء في خبر صحيح عن معصوم أن البيت كان مبنيا قبل الخليل عليه السلام ومن تمسك في هذا بقوله مكان البيت بناهض ولا ظاهر لأن المراد مكانه المقدر في علم الله المقر في قدرته المعظم عند الأنبياء موضعه من لدن آدم إلى زمان إبراهيم وقد ذكرنا أن آدم نصب عليه قبة وأن الملائكة قالوا له قد طفنا بهذا البيت وأن السفينة طافت به أربعين يوما أو نحو ذلك ولكن كل هذه الأخبار عن بني إسرائيل وقد قررنا أنها لا تصدق ولا تكذب فلا يحتج بها فأما إن ردها الحق فهي مردودة وقد قال الله إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين أي أول بيت وضع لعموم الناس للبركة والهدى البيت الذي ببكة قيل مكة وقيل محل الكعبة فيه آيات بينات أي على أنه بناء الخليل والد الأنبياء من بعده وإمام الحنفاء من ولده الذين يقتدون به ويتمسكون بسنته ولهذا قال مقام إبراهيم أي الحجر الذي كان يقف عليه قائما لما ارتفع البناء عن قامته فوضع له ولده هذا الحجر المشهور ليرتفع عليه لما تعالى البناء وعظم الفناء كما تقدم في حديث ابن عباس الطويل وقد كان هذا الحجر ملصقا بحائط الكعبة على ما كان عليه من قديم الزمان إلى أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاخره عن البيت قليلا لئلا يشغل المصلين عنده الطائفين بالبيت واتبع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذا فإنه قد وافقه ربه في أشياء منها في قوله لرسوله صلى الله عليه وسلم لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فأنزل الله وأتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وقد كانت آثار قدمي الخليل باقية في الصخرة إلى أول الإسلام وقد قال أبو طالب في قصيدته اللامية المشهورة وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه * وراق لبر في حراء ونازل وبالبيت حق البيت من بطن مكة * وبالله إن الله ليس بغافل وبالحجر المسود إذ يمسحونه * إذا اكتنفوه بالضحى والأصائل وموطيء إبراهيم في الصخر رطبة * على قدميه حافيا غير ناعل يعني أن رجله الكريمة غاصت في الصخرة فصارت على قدر قدمه حافية لا متنعلة ولهذا قال تعالى وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل أي في حال قولهما ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم فهما في غاية الإخلاص والطاعة لله عز وجل وهما يسألان من الله السميع العليم أن يتقبل منهما ما هما فيه من الطاعة العظيمة والسعي المشكور ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم والمقصود أن الخليل بنى أشرف المساجد في أشرف البقاع في واد غير ذي زرع ودعا لأهلها بالبركة وأن يرزقوا من الثمرات مع قلة المياه وعدم الأشجار والزروع والثمار وأن يجعله حرما محرما وآمنا محتما فاستجاب الله وله الحمد له مسألته ولبى دعوته وأتاه طلبته فقال تعالى أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم وقال تعالى أولم نمكن لهم حراما آمنا يجبي إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا وسأل الله أن يبعث فيهم رسولا منهم أي من جنسهم وعلى لغتهم الفصيحة البليغة النصيحة لتتم عليهم النعمتان الدنيوية والدينية سعادة والاولى والأخرى وقد استجاب الله له فبعث فيهم رسولا وأي رسول ختم به أنبياءه ورسله وأكمل له من الدين ما لم يؤت أحدا قبله وعم بدعوته أهل الأرض على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وصفاتهم في سائر الأقطار والأمصار والأعصار إلى يوم القيامة كان هذا من خصائصه من بين سائر الأنبياء لشرفه في نفسه وكمال ما أرسل به وشرف بقعته وفصاحة لغته وكمال شفقته على أمته ولطفه ورحمته وكريم محتده وعظيم مولده وطيب مصدره ومورده ولهذا استحق إبراهيم الخليل عليه السلام إذ كان باني الكعبة لأهل الأرض ان يكون منصبه ومحله وموضعه في منازل السموات ورفيع الدرجات عند البيت المعمور الذي هو كعبة اهل السماء السابعة المبارك المبرور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة يتعبدون فيه ثم لا يعودون إليه إلى يوم البعث والنشور وقد ذكرنا في التفسير من سورة البقرة صفة بناية البيت وما ورد في ذلك من الأخبار والآثار بما فيه كفاية فمن أراده فليراجعه ثم ولله الحمد فمن ذلك ما قال السدي لما أمر الله إبراهيم وإسماعيل أن يبنيا البيت ثم لم يدريا أين مكانه حتى بعث الله ريحا يقال له الخجوج لها جناحان ورأس في صورة حية فكنست لهما ما حول الكعبة عن أساس البيت الأول واتبعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس وذلك حين يقول تعالى وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت فلما بلغا القواعد بنيا الركن قال إبراهيم لإسماعيل يا بني اطلب لي الحجر الأسود من الهند وكان أبيض ياقوتة بيضاء مثل النعامة وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس فجاءه إسماعيل بحجر فوجده عند الركن فقال يا أبتي من جاءك بهذا قال جاء به من هو أنشط منك فبنيا وهما يدعوان الله ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وذكر ابن أبي حاتم أنه بناه من خمسة أجبل وأن ذا القرنين وكان ملك الإرض إذ ذاك مر بهما وهما يبنيانه فقال من أمركما بهذا فقال إبراهيم الله أمرنا به فقال وما يدريني بما تقول فشهدت خمسة أكبش أنه أمره بذلك فآمن وصدق وذكر الأزرقي أنه طاف مع الخليل بالبيت وقد كانت على بناء الخليل مدة طويلة ثم بعد ذلك بنتها قريش فقصرت بها عن قواعد إبراهيم من جهة الشمال مما يلي الشام على ما هي عليه اليوم وفي الصحيحين من حديث مالك عن ابن شهاب عن سالم أن عبدالله بن محمد بن أبي بكر أخبر بن عمر عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألم ترى إلى قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم فقلت يا رسول الله إلا تردها على قواعد إبراهيم فقال لولا حدثان قومك وفي رواية لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية أو قال بكفر لانفقت كنز الكعبة في سبيل الله ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها الحجر وقد بناها ابن الزبير رحمه الله في أيامه على ما اشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبما أخبرته خالته عائشة أم المؤمنين عنه فلما قتله الحجاج في سنة ثلاث وسبعين كتب إلى عبد الملك بن مروان الخليفة إذ ذاك فاعتقدوا أن ابن الزبير إنما صنع ذلك من تلقاء نفسه فأمر بردها إلى ما كانت عليه فنقضوا الحائط الشامي وأخرجوا منها الحجر ثم سدوا الحائط وردموا الأحجار في جوف الكعبة فارتفع بابها الشرقي وسدوا الغربي بالكلية كما هو مشاهد إلى اليوم ثم لما بلغهم أن ابن الزبير إنما فعل هذا لما أخبرته عائشة أم المؤمنين ندموا على ما فعلوا وتأسفوا أن لو كانوا تركوه وما تولى من ذلك ثم لما كان في زمن المهدي بن المنصور استشار الإمام مالك بن أنس في ردها على الصفة التي بناها ابن الزبير فقال له إني اخشى أن يتخذها الملوك لعبة يعني كلما جاء ملك بناها على الصفة التي يريد فاستقر الأمر على ما هي عليه اليوم *2* ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم @ قال الله وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهم قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين لما وفى ما أمره ربه به من التكاليف العظيمة جعله للناس إماما يقتدون به ويأتمون بهديه وسأل الله أن تكون هذه الأمامة متصلة بسببه وباقية في نسبه وخالدة في عقبه فأجيب إلى ما سأل ورام وسلمت إليه الإمامة بزمام واستثنى من نيلها الظالمون واختص بها من ذريته العلماء العاملون كما قال تعالى ووهبنا له إسحق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين وقال تعالى ووهبنا له إسحق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهرون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين واسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم فالضمير في قوله ومن ذريته عائد على إبراهيم على المشهور ولوط وإن كان ابن أخيه إلا أنه دخل في الذرية تغليبا وهذا هو الحامل للقائل الآخر أن الضمير على نوح كما قدمنا في قصته والله أعلم وقال تعالى ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب الآية فكل كتاب أنزل من السماء على نبي من الأنبياء بعد إبراهيم الخليل فمن ذريته وشيعته وهذه خلعة سنية لا تضاهى ومرتبة عليه لا تباهى وذلك أنه ولد له لصلبه ولدان ذكران عظيمان اسماعيل من هاجر ثم إسحق من سارة وولد لهذا يعقوب وهو إسرائيل الذي ينتسب إليه سائر أسباطهم فكانت فيهم النبوة وكثروا جدا بحيث لا يعلم عددهم إلا الذي بعثهم واختصهم بالرسالة والنبوة حتى ختموا بعيسى ابن مريم من بني إسرائيل وأما اسماعيل عليه السلام فكانت منه العرب على اختلاف قبائلها كما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى ولم يوجد من سلالته من الأنبياء سوى خاتمهم على الإطلاق وسيدهم وفخر بني آدم في الدنيا والآخرة محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي المكي ثم المدني صلوات الله وسلامه عليه فلم يوجد من هذا الفرع الشريف والغصن المنيف سوى هذه الجوهرة الباهرة والدرة الزاهرة وواسطة العقد الفاخرة وهو السيد الذي يفتخر به أهل الجمع ويغبطه الأولون والآخرون يوم القيامة وقال البخاري حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا هشام عن معمر عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الصور في البيت لم يدخل حتى أمر بها فمحيت ورأى إبراهيم واسماعيل بأيديهما الأزلام فقال قاتلهم الله والله إن يستقسما بالأزلام قط لم يخرجه مسلم وفي بعض الفاظ البخاري قاتلهم الله لقد علموا أن شيخنا لم يستقسم بها قط فقوله أمة أي قدوة إماما مهتديا داعيا إلى الخير يقتدى به فيه قانتا لله أي خاشعا له في جميع حالاته وحركاته وسكناته حنيفا أي مخلصا على بصيرة ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه أي قائما بشكر ربه بجميع جوارحه من قلبه ولسانه وأعماله اجتباه أي اختاره الله لنفسه واصطفاه لرسالته واتخذه خليلا وجمع له بين خيري الدنيا والآخرة وقال تعالى ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا يرغب تعالى في اتباع إبراهيم عليه السلام لأنه كان على الدين القويم والصراط المستقيم وقد قام بجميع ما أمره به ربه ومدحه تعالى بذلك فقال وإبراهيم الذي وفى ولهذا اتخذه الله خليلا والخلة هي غاية المحبة كما قال بعضهم وقد تخللت مسلك الروح مني * وبذا سمي الخليل خليلا وهكذا نال هذه المنزلة خاتم الأنبياء وسيد الرسل محمد صلوات الله وسلامه عليه كما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث جندب البجلي وعبدالله بن عمرو وابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا أيها الناس إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا وقال ايضا في آخر خطبة خطبها أيها الناس لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله أخرجاه من حديث أبي سعيد وثبت أيضا من حديث عبدالله بن الزبير وابن عباس وابن مسعود وروى البخاري في صحيحه حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن عمرو بن ميمون قال إن معاذا لما قدم اليمن صلى بهم الصبح فقرأ واتخذ الله إبراهيم خليلا فقال رجل من القوم لقد قرت عين أم إبراهيم وقال ابن مردويه حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم حدثنا إسماعيل بن أحمد بن أسيد حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني بمكة حدثنا عبدالله الحنفي حدثنا زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس قال جلس ناس من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونه فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم وإذا بعضهم يقول عجب أن الله اتخذ من خلقه خليلا فإبراهيم خليله وقال آخر ماذا بأعجب من أن الله كلم موسى تكليما وقال آخر فعيسى روح الله وكلمته وقال آخر آدم اصطفاه الله فخرج عليهم فسلم وقال قد سمعت كلامكم وعجبكم أن إبراهيم خليل الله وهو كذلك وموسى كليمه وهو كذلك وعيسى روحه وكلمته وهو كذلك وآدم اصطفاه الله وهو كذلك ألا وإني حبيب الله ولا فخر ألا وإني أول شافع وأول مشفع ولا فخر وأنا أول من يحرك حلقة باب الجنة فيفتحه الله فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولا فخر هذا حديث غريب من هذا الوجه وله شواهد من وجوه أخر والله أعلم وروى الحاكم في مستدركه من حديث قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال أتنكرون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا محمود بن خالد المسلمي حدثنا الوليد عن إسحاق بن بشار قال لما اتخذ الله إبراهيم خليلا ألقى في قلبه الوجل حتى أن كان خفقان قلبه ليسمع من بعد كما يسمع خفقان الطير في الهواء وقال عبيد بن عمير كان إبراهيم عليه السلام يضيف الناس فخرج يوما يلتمس إنسانا يضيفه فلم يجد احدا يضيفه فرجع إلى داره فوجد فيها رجلا قائما فقال يا عبدالله ما أدخلك داري بغير إذني قال دخلتها بإذن ربها قال ومن أنت قال أنا ملك الموت أرسلني ربي إلى عبد من عباده أبشره بان الله قد اتخذه خليلا قال من هو فوالله إن أخبرتني به ثم كان بأقصى البلاد لآتينه ثم لا أبرح له جارا حتى يفرق بيننا الموت قال ذلك العبد أنت قال أنا قال نعم قال فيم اتخذني ربي خليلا قال بأنك تعطي الناس ولا تسألهم رواه ابن أبي حاتم وقد ذكره الله تعالى في القرآن كثيرا في غير ما موضع بالثناء عليه والمدح له فقيل إنه مذكور في خمسة وثلاثين موضعا منها خمسة عشر في البقرة وحدها وهو أحد أولي العزم الخمسة المنصوص على أسمائهم تخصيصا من بين سائر الأنبياء في آيتي الأحزاب والشورى وهما قوله تعالى وإذ اخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا وقوله شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تفرقوا فيه الآية ثم هو أشرف أولي العزم بعد محمد صلى الله عليه وسلم وهو الذي وجده عليه السلام في السماء السابعة مسندا ظهره بالبيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم وما وقع في حديث شريك ابن أبي نمير عن أنس في حديث الإسراء من أن إبراهيم في السادسة وموسى في السابعة فمما انتقد على شريك في هذا الحديث والصحيح الأول وقال أحمد حدثنا محمد بن بشر حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم خليل الرحمن تفرد به أحمد ثم مما يدل على أن إبراهيم أفضل من موسى الحديث الذي قال فيه وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلى الخلق كلهم حتى إبراهيم رواه مسلم من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه وهذا هو المقام المحمود الذي أخبر عنه صلوات الله وسلامه عليه بقوله أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ثم ذكر استشفعاع الناس بآدم ثم بنوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى فكلهم يحيد عنها حتى يأتوا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول أنا لها أنا لها الحديث وهكذا رواه البخاري في مواضع أخر ومسلم والنسائي من طريق عن يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله وهو ابن عمر العمري به قال البخاري حدثنا علي بن عبدالله حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا عبدالله حدثني سعيد عن أبيه عن أبي هريرة قال قيل يا رسول الله من أكرم الناس قال أتقاهم قالوا ليس عن هذا نسألك قال فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله قالوا ليس عن هذا نسألك قال فعن معادن العرب تسألوني خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ثم قال البخاري قال أبو أسامة ومعتمر عن عبيد الله عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت وقد أسنده في موضع آخر من حديثهما وحديث عبدة بن سليمان والنسائي من حديث محمد بن بشر أربعتهم عن عبيد الله بن عمر عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال أحمد حدثنا محمد بن بشر حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم خليل الله تفرد به أحمد وقال البخاري حدثنا عبدة حدثنا عبد الصمد بن عبدالرحمن عن أبيه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم تفرد به من طريق عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار عن أبيه عن ابن عمر به فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني مغيرة بن النعمان عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم يحشر الناس حفاة عراة غرلا فأول من يكسى إبراهيم عليه السلام ثم قرأ كما بدأنا أول خلق نعيده فأخرجاه في الصحيحين من حديث سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج كلاهما عن مغيرة بن النعمان النخعي الكوفي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به وهذه الفضيلة المعينة لا تقتضي الأفضلية بالنسبة إلى ما قابلها مما ثبت لصاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون وأما الحديث الآخر الذي قال الأمام أحمد حدثنا وكيع وأبو نعيم حدثنا سفيان هو الثوري عن مختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يا خير البرية فقال ذاك إبراهيم فقد رواه مسلم من حديث الثوري وعبدالله بن إدريس وعلي بن مسهر ومحمد بن فضيل أربعتهم عن المختار بن فلفل وقال الترمذي حسن صحيح وهذا من باب الهضم والتواضع مع والده الخليل عليه السلام كما قال لا تفضلوني على الأنبياء وقال لا تفضلوني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فأجد موسى باطشا بقائمة العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور وهذا كله لا ينافي في ما ثبت بالتواتر عنه صلوات الله وسلامه عليه من أنه سيد ولد آدم يوم القيامة وكذلك حديث أبي بن كعب في صحيح مسلم وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلى الخلق كلهم حتى إبراهيم ولما كان إبراهيم عليه السلام أفضل الرسل وأولى العزم بعد محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أمر المصلى أن يقول في تشهده ما ثبت في الصحيحين من حديث كعب بن عجرة وغيره قال قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك قال قولوا اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وقال تعالى وإبراهيم الذي وفى قالوا وفي جميع ما أمر به وقام بجميع خصال الإيمان وشعبه وكان لا يشغله مراعاة الأمر الجليل عن القيام بمصلحة الأمر القليل ولا ينسيه القيام بأعباء المصالح الكبار عن الصغار قال عبدالرزاق أنبأنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال ابتلاه الله بالطهارة خمس في الرأس وخمس في الجسد في الرأس قص الشارب والمضممة والسواك والاستنشاق وفرق الرأس وفي الجسد تقليم الأظفار وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل أثر الغائط والبول بالماء رواه ابن أبي حاتم وقال وروى عن سعيد بن المسيب ومجاهد والشعبي والنخعي وأبي صالح وأبي الجلد نحو ذلك قلت وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الفطرة خمس الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وفي صحيح مسلم وأهل السنن من حديث وكع عن ذكريا بن أبي زائدة عن مصعب بن شيبة العبدري المكي الحجبي عن طلق بن حبيب العتري عن عبدالله بن الزبير عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر من الفطرة قص الشارب واعفاء اللحية والسواك واستنشاق الماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الابط وحلق العانة وانتقاص الماء يعني الاستنجاء وسيأتي في ذكر مقدار عمره الكلام على الختان والمقصود أنه عليه الصلاة والسلام كان لا يشغله القيام بالاخلاص لله عز وجل وخشوع العبادة العظيمة عن مراعات مصلحة بدنه وإعطاء كل عضو ما يستحقه من الاصلاح والتحسين وإزالة ما يشين من زيادة شعر أو ظفر أو وجود قلح أو وسخ فهذا من جملة قوله تعالى في حقه من المدح العظيم وإبراهيم الذي وفى
ابن كثير الفصل الثاني الباب 2قصة ابراهيم الخليل بناء الكعبة المشرفه