هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى بيت الأسرة
نرحب مجددا بجميع أعضاء بيت الأسرة ,, ويسعدنا تننشيط عضويتكم بالتواصل على جوالي بالنسبة للأعضاء ,, وعلى جوال أم عبدالله بالنسبة للأخوات ,, وبامكان الجميع التواصل معي على ايميلي aabohadi @hotmail.com ,, متمنين للجميع سنة جميلة مليئة بالحب والتواصل
موضوع: بداية ظهور الخلق الجمعة أبريل 30, 2010 3:27 am
ذكر الوقت الذي ابتدىء فيه بعمل التاريخ في الاسلام (1) قيل : لَما قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينة أمر بعمل التاريخ (2).والصحيح المشهور أنّ عمر بن الخطاب أمر بوضع التاريخ، وسبب ذلك أن أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ فجمع عمر الناس للمشورة فقال بعضهم : أرخ بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهمِ : بمهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.فقال عمر: بل نؤرخ بمهاجرة رسول الله فإنّ مهاجرته فرْق بين الحق والباطل، قاله الشعبي. وقال ميمون بن مهران (3) : رُفِعَ (4) إلى عمر صَك مَحَلُّه شعبان فقال : أي شعبان ؟ أشعبان هو آت أم شعبان الذي نحن فيه ؟ ثم قال لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعوا للناس شيئاً يعرفونه، فقال بعضهم : اكتبوا على تاريخ الروم فإنهم يؤرخون من عهد ذي القرنين فقال : هذا يطول.فقال : اكتبوا على تاريخ الفرس فقيل : إن الفرس كلما أقام (5) ملك طرح تاريخ من كان قبله.فاجتمع رأيُهُم على أنْ ينظروا : كم أقام رسول الله بالمدينة؟ فوجدوه عشر سنين، فكتبوا للتاريخ من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).وقال محمد بن سيرين : قام رجل إلى عمر فقال : أرخوا، فقال عمر: ما أرخوا ؟ فقال شيءٌ تفعله الأعاجم في شهر كذا من سنة كذا.فقال عمر: حَسَن.فأرخوا، فاتفقوا على الهجرة ثم قالوا : من أي الشهور؟ فقالوا : من رمضان، ثم قالوا : فالمحرم هو منصرف الناس من حجهم وهو شهر حرام، فأجمعوا عليه.وقال سعيد بن المسيب : جمع عمر الناس فقال : من أي يوم نكتب التاريخ ؟ فقال على : مِنْ مهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفراقه أرض الشرك ففعله عمر(2).وقال عمرو بن دينار: أول من أرخ يعلى بن أمية (3) وهو باليمن(4). [تاريخ العرب قبل الِإسلام] وأما قبل الاسلام فقد كان بنو ابراهيم، يؤرخون من نار إبراهيم إلى بنيان البيت حين بناه ابراهيم لإسماعيل عليهما السلام، ثم أرخ بنو إسماعيل من بُنْيَان البيت حتى تفرقوا، فكان كلما خرج قوم من " تِهَامَة " (5) أرخوا بمخرجهم، ومَنْ بقي بتهامة من بني إسماعيل يؤرخون من خروج سعد ونهد وجهينة بني زيد من تهامة حتى مات كعب بن لُؤي (6)، وأرخوا من موته إلى الفيل. ثم كان التاريخ من الفيل حتى أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة وذلك سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة وقد كان كل طائفة من العرب تؤرخ بالحادثات المشهورة فيها ولم يكن لهم تاريخ يجمعهم، وفي ذلك قول بعضهم : ها أنا ذا آمل الخلود وقد أدرك عقلي مولدىِ حجراً وقال الجعدي : فمن يك سائلًا عي فإني من الشبان أيام الختان وقال آخر : وما هي إلا في إزار وعلقة بغار ابن همام على حي خثعما وكل واحد أرخ بحادث مشهور عندهم فلو كان لهم تاريخ يجمعهم لم يختلفوا قي التاريخ والله أعلم. القول في الزمان (1) الزمان عبارة عن ساعات الليل والنهار وقد يقال ذلك للطويل والقصير منهما، والعرب تقول : أتيتك زمان الصرَام.وزمان الصرام يعني به وقت الصرَام (2) وكذلك : أتيتك أزمان (الحجاج أمير) - ويجمعون الزمان، يريدون بذلك أن كل وقت من أوقات إمارته من الأزمنة. القول في جميع الزمان من أوله إلى آخره (3) اختلف الناس في ذلك فقال ابن عباس من رواية سعيد بن جبير عنه : سبعة آلاف سنة(4). وقال وَهْب بنُ مُنَبه : ستة آلاف سنة(5).قال أبو جعفر (6) : والصحيح من ذلك ما دل على صحته الخبر الذي رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (أجلكم في أجل من قبلكم من صلاة العصر إِلى مغرب الشمس " (1) وروى نحو هذا المعى أنس وأبو سعيد إلا أنهما قالا : إلى غروب الشمس وبدل صلاة العصر بعد العصر، وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (بعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى (2)، وروى نحوه جابر بن سمرة وأنس وسهل بن سعيد وبُرَيْدة (3) والمستورد بن شداد وأشياخ من الأنصار كلهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذه أخبار صحيحة(4).قال : وقد زعم اليهود أن جميع ما ثبت عندهم على ما في التوراة من لدن خلق آدم إلى الهجرة أربعة آلاف سنة وثلثمائة واثنتان وأربعون سنة، وقالت اليونانية من النصارى : إن من خلق آدم إلى الهجرة (5) خمسة آلاف سنة وتسعمائة واثنتين وتسعين سنة وشهراً وزعم قائل أن اليهود إنما نقصوا من السنين دفعاً منهم لنبوة عيسى إذ كانت صفته ومبعثه في التوراة وقالوا : لم يأت الوقت الذي في التوراة أن عيسى يكون فيه فهم ينتظرون بزعمهم خروجه ووقته، قال : وأحسب أن الذي ينتظرونه ويدعون صفته في التوراة هو الدجال.وقالت المجوس : إنّ قَدْر مدة الزمان من لدن ملك جيُومَرث إلى وقت الهجرة ثلاثة آلاف ومائة وتسع وثلاثون سنة وهم لا يذكرون مع ذلك شيئاً يعرف فوق جيومرث ويزعمون أنه هو آدم وأهل الأخبار مختلفون فيه، فمن قائل مثل قول المجوس، ومن قائل : أنه يسمى بآدم بعد أن ملك الأقاليم السبعة وأنه حام بن يافث بن نوح وكان باراً بنوح فدعا له ولذريته بطول العمر والتمكين في البلاد واتصال الملك فاستجيب له فملك جيومرث وولده الفرس ولم يزل الملك فيهم إلى أن دخل المسلمون المدائن وغلبوهم على ملكهم ومن قائل غير ذلك كذا قال أبو جعفر. قلت : ثم ذكر أبو جعفر (1) بعد هذا أصُولاً تتضمن الدلالة على حدوث الأزمان والأوقات وهل خلق الله قبل خلق الزمان شيئاً أم لا؟ وعلى فناء العالم وأن لا يبقى إِلا الله تعالى وأنه أحدث كل شيء واستدل على ذلك باشياء يطول ذكرها ولا يليق ذلك بالتواريخ لا سيما المختصرات منه فإنه بعلم الأصول أولى وقد فرغ المتكلمون منه في كتبهم فرأينا تركه أولى. القول في ابتداء الخلق وما كان أوله صح في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه عُبَادة بن الصامت أنه سمعه يقول : " إن أول ما خلق الله تعالى القلم، وقال له اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن " (2) وروى نحو ذلك عن ابن عباس. وقال محمد بن إسحاق : أول ما خلق الله تعالى النور والظلمة فجعل الظلمة ليلاً أسود وجعل النور نهاراً أبيض مضيئاً والأول أصح للحديث، وابن إسحاق لم يسند قوله إلى أحد، واعترض أبو جعفر على نفسه (3) بما روى سفيان عن أبي هاشم عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال : إن الله تعالى كان على عرشه قبل أن يخلق شيئاً فكان أول ما خلق الله القلم فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة؛ وأجاب بأن هذا الحديث إن كان صحيحاً فقد رواه شعبة أيضاً عن أبي هاشم ولم يقل،فيه أن الله كان على عرشه : روى أنه قال أول ما خلق الله القلم. القول فيما خلق بعد القلم ثم إن الله خلق - بعد القلم وبعد أن أمره فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة - سحاباً رقيقاً وهو الغمام الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : وقد سأله أبو رزين العقيلي : أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق ؟ فقال : في غمام (1) ما تحته هواء وما فوقه هواء ثم خلق عرشه على الماء وهو الغمام الذي ذكره اللُه في قوله : (هَلْ يَنْظرُونَ إلّا أن يأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مِن الغَمَامِ ؟)(2). قلت : فيه نظر لأنه قد تقدم أن أول ما خلق الله تعالى القلم وقال له : اكتب فجرى في تلك الساعة ثم ذكر في أول هذا الفصل أن الله خلق بعد القلم وبعد أن جرى بما هو كائن سحاباً ومن المعلوم أن الكتابة لا بد فيها من آلة يكتب بها وهو القلم ومِنْ شيءٍ يكتب فيه وهو الذي يعبر عنه ههنا باللوح المحفوظ وكان ينبني أن يذكر اللوح المحفوظ ثانياً للقلم والله أعلم، ويحتمل أن يكون تَرَكَ ذكره لأنه معلوم من مفهوم اللفظ بطريق ا لملازمة. [ما خلق بعد الغمام] ثم اختلف العلماء فيمن خلق الله بعد الغمام ؟ فروى الضَخَاك بن مُزَاحم (3) عن ابن عباس أول ما خلق الله العرش فاستوى عليه. وقال آخرون : خلق الله الماء قبل العرش وخلق العرش فوضعه على الماء، وهو قول أبي صالح عن ابن عباس، وقول ابن مسعود، ووَهْب بن مُنَبه.وقد قيل : إن الذي خلق الله تعالى بعد القلم الكرسي، ثم العرش، ثم الهواء، ثم الظلمات، ثم الماء فوضع العرش عليه.قال : وقول مَنْ قال : -إن الماء خلِقَ قبل العرش -أولى بالصواب لحديث أبي رزين عن النبي صلى الله عليه وسلم.وقد قيل : إن الماء كان على متن الريح حين خلق العرش، قاله سعيد بن جبير عن ابن عباس، فإنْ كان كذلك فقد خلقا قبل العرش.وقال غيره : إن الله خلق القلم قبل أنْ يخلق شيئاً بألف عام. [اليوم الذي ابتدأ اللّه فيه خلق السماوات والأرض] واختلفوا أيضاً في اليوم الذي ابتدأ الله تعالى فيه خلق السموات والأرض، فقال عبد الله بن سَلام، وكعب، والضحاك، ومجاهد : ابتداء الخلق يوم الأحد. وقال محمد بن إسحاق : ابتداء الخلق يوم السبت، وكذلك قال أبو هريرة. واختلفوا أيضاً فيما خلق كل يِوم، فقال عبد الله بن سلام : إن الله تعالى بدأ الخلق يوم الأحد فخلق الأرضين يوم الأحد، والاثنين، وخلق الأقوات والرواسي في الثلاثاء والأربعاء،وخلق السموات يوم الخميس والجمعة، ففرغ آخر ساعة من الجمعة فخلق فيها آدم عليه السلام فتلك الساعة التي تقوم فيها الساعة.ومثله قال ابن مسعود وابن عباس من رواية أبي صالح عنه إلا أنهما لم يذكرا خَلْق آدم ولا الساعة. وقال ابن عباس من رواية علي بن أبي طلحة عنه : إن الله تعالى خلق الأرض بأقواتها من غير أنْ يَدْحُوَها ثم استوى إلى السماء فسواهُن سبع سموات ثم دحا الأرض بعد ذلك فذلك قوله تعالى : (والأرض بعد ذلك دحاها)(1) وهذا القول عندي هو الصواب (2) وقال.ابن عباس أيضاً من رواية عكرمة عنه : إن الله تعالى وَضَعَ البيت على الماء على أربعة أركان مَبل أنْ يخلق الدنيا بألْفَي عام ثم دُحِيَتْ الأرضُ من تحت البيت.ومثله قال ابن عمرو، وروى السري عن أبي صالح، وعن أبي مالك عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني، وعن ابن مسعود في قوله تعالى (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات)(1) قال : إنّ الله عز وجل كان عرشه على الماء ولم يخلق شيئاً مما خلق قبل الماء، فلما أراد أنْ يخلق الخلق أخرج من الماء دُخَاناً فارتفع فوق الماء فسما عليه فسماه سماء، ثم أيبس الماء فجعله أرضاً واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين يوم الأحد ويوم الاثنين فخلق الأرض على حوت، والحوت النون الذي ذكره الله تعالى في القرآن في قوله (ن والقلم) (2)والحوت في الماء والماء على ظهر صفاة (3) والصفاة على ظهر ملك، والملك على صخرة، والصخرة في الريح، وهي الصخرة التي ذكرها لقمان ليست في السماء، ولا في الأرض، فتحرك الحوت فاضطربت وتزلزلت الأرض، فأرسى عليها الجبال فقرت فالجبال تفخر على الأرض، فذلك قوله تعالى : (وجعلنا فيها رواسي أن تميد بكم) قال ابن عباس والضحاك ومجاهد وكعب وغيرهم : كل يوم من هذه الأيام الستة التي خلق الله فيها السماء والأرض كألف سنة. [الأيام في هذه الأخبار مجاز] قلت : أما ما ورد في هذه الأخبار من أن الله تعالى خلق الأرض في يوم كذا والسماء في يوم كذا إنما هو مجاز وإلاّ فلم يكن ذلك الوقت أيام وليالي لأن الأيام عبارة عما بين طلوع الشمس وغروبها والليالي عبارة عما بين غروبها وطلوعها ولم يكن ذلك الوقت سماء ولا شمس وإنما المراد به أنه خلق كل شيء بمقدار يوم كقوله تعالى : (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) وليس في الجنة بكرة وعشي. القول في الليل والنهار أيهما خُلِقَ قَبْلَ صاحبه قد ذكرنا ما خلق الله تعالى من الأشياء قبل خلق الأوقات وأن الأزمنة والأوقات إنَّمَا هي ساعات الليل والنهار وأن ذلك إنما هو قطع الشمس والقمر درجات الفلك فلنذكر الآن بأي ذلك كان الابتداء؟ أبالليل أم بالنهار؟ فإن العلماء اختلفوا في ذلك فإن بعضهم يقول : إنّ الليل خُلِقَ قبل النهار؛ ويستدل على ذلك بأن النهار مِنْ نور الشمس فإذا غابت الشمسُ جاء الليل فبان بذلك أن النهار وهو النور وارد على الظلمة التي هي الليل وإذا لم يَرِد نورُ الشمس كان الليلُ ثابتاً فدل ذلك على أن الليل هو الأول.وهذا، قول ابن عباس. وقال آخرون : كان النهار قبل الليل واستدلوا بأن الله تعالى كان ولا شيء معه ولا ليل ولا نهار وأن نوره كان يضيءُ به كل شيء خلقه حتى خلق الليل.قال ابن مسعود: "إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار، نورُ السموات من نورِ وجهه ".قال أبو جعفر: والأولى أولى بالصواب للعلة المذكورة أولًا، ولقوله تعالى : (أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها.رفع سمكها فسواها.وأغطش ليلها وأخرج ضحاها) فبدأ بالليل قبل النهار.قال عبيد بن عمير الحارثي : كنت عند على فسأله ابن الكواء عن السواد الذي في القمر فقال : ذلك آية مُحِيَتْ.وقال ابن عباس مثله، وكذلك قال مجاهد ؛ وقتادة، وغيرهما : لذلك خلقهما الله تعالى الشمس أنور من القمر. [خلق الشمس والقمر] قلت : وروى أبو جعفر ههنا حديثاً طويلًا عدة أوراق (1) عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في خَلْق الشمس والقمر وسيرهما فانهما على عجلتين لكل عجلة ثلاثمائة وستون عروة يجزها بعددها من الملائكة وأنهما يسقطان عن العجلتين فيغوصان في بحر بين السماء والأرض فذلك كسوفهما، ثم إِنّ الملائكة يخرجونهما فذلك تجليهما من الكسوف، وذَكَرَ الكواكب وسَيْرَهَا وطلوع الشمس من مغربها، ثم ذكر مدينة بالمغرب تسمى (جابرسا) وأخرى بالمشرق تسمى (جابرقا) ولكل واحدة منهما عشرة آلاف باب يحرس كل باب منها عشرة آلاف رجل لا تعود الحراسة إليهم إلى يوم القيامة وذكر يأجوج ومأجوج ومنسك وثاريس إلى أشياء أخر لا حاجة إلى ذكرها فأعرضت عنها لمنافاتها العقول ولو صح اسنادها لذكرناها وقلنا به ولكن الحديث غير صحيح، ومثل هذا الأمر العظيم لا يجوز أن يسطر في الكتب بمثل هذا الإسناد الضعيف. وإذ كنا قد بينا مقدارَ مُدة ما بين أول ابتداء الله عز وجل في إنشاء ما أراد إنشاءَه من خَلْقِهِ إلن حين فَرَاغِهِ من إنشاء جميعه من سني الدنيا ومدة أزمانها، وكان الغرض في كتابنا هذا ذكر ما قد بينا أنا ذاكروه من تاريخ الملوك الجبابرة والعاصية ربها والمطيعة ربها، وأزمان الرسل والأنبياء، وكنا قد أتينا على ذكر ما تصح به التاريخات وتعرف به الأوقات وهو الشمس والقمر. فلنذكر الآن أول من أعطاه الله تعالى مُلْكاً وأنعم عليه فكَفَرَ نعمته، وجَحَدَ ربوبيته، واستكبر فسلبه الله نعمته وأخزاه وأذله. ثم نتبعه ذِكْر من استن سُنته واقتفى أثره وأحل الله به نِقْمَتَهُ ونَذْكُرُ مَنْ كان بإزائه أو بعده من الملوك المطيعة ربها المحمودة آثارها ومِن الرسل والانبياء إنْ شاء الله تعالى. قصة إبليس لَعَنَه الله وابتداء أمره وإطغائه آدم عليه السلام فأوَلهُم وإمَامُهُم ورئيسُهُم إبليس وكان الله تعالى قد حَسَّن خَلْقَه وشَرَّفه ومَلَكَهُ على سماء الدنيا والأرض فيما ذكر وجعله مع ذلك خازِناً من خُزَان الجنة فاستكبر علىِ ربه وادَعَى الربوبية، ودعا مَنْ كان تحت يده إلى عبادته فَمَسَخَهُ الله تعالى شيطاناَ رجيماً، وشوه خَلْقه، وسَلَبه ما كان خَوَله، ولَعَنَهُ وطرده عن سماواته في العاجل، ثم جعل مسكنه ومسكن أتباعه في الآخرة نار جهنم نعوذ بالله تعالى من نار جهنم ونعوذ بالله تعالى من غضبه ومن الحور بعد الكور. ونبدأ بذكر الأخبار عن السلف بما كان الله اعطاه من الكرامة وبادِّعائِهِ ما لم يكن ونُتْبع ذلك بذكر أحداث في سلطانه وملكه إلى حين زوال ذلك عنه والسبب الذي به زال عنه إنْ شاء الله تعالى. ذكر الأخبار بما كان لابليس لعنة اللّه من المُلْك وذِكْر الأحداث في مُلْكِهِ رُويَ عن ابن عباس، وابن مسعود أن إبليس كان له مُلك سماء الدنيا وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم " الجن "، وإنَّما سُمًوا الجن لانَهم خُزَان الجنة(1)، وكان إبليس مع مُلْكِهِ خازناً.قال ابن عباس : ثم إنه عصى الله تعالى فمَسَخَه شيطاناً رجيماً وروي عن قتادة في قوله تعالى (ومَنْ يَقُل منهم إني إله مِنْ دُونهِ)(1) إنما كانت هذه الآية في إبليس خاصِة لما قال ما قال لعنه الله تعالى " وجعله شيطاناً رجيماً " وقال : (فَذَلِكَ نَجْزِيْهِ جَهَنَمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالمين)، وروي عن ابن جريح مثله (2). وأما الأحداث التي كانت في مُلكه وسلطانه فمنها : ما روى الضحاك عن ابن عباس قال : كان إبليس من حَي من أحياء الملائكة يُقال لهم الجن خُلِقُوا من نار السَّمُوم من بين الملائكة، وكان خازناً من خزان الجنة، قال : وخُلقت الملائكة من نور وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مَارِجٍ من نارِ - وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا آلتهبت، وخُلِقَ الإنسانُ من طين فأول من سَكَنَ في الأرض الجن فاقتتلوا فيها وسفكوا الدماء وقتل بعضهم بعضاً،قال :فبعث الله تعالى إليهم إبليس في جُنْدٍ من الملائكة وهم هذا الحي الذي يقال لهم الجن فقاتلهم إبليس ومَنْ معه حتى ألحقَهُم بجزائر البحور وأطراف الجبال. فلما فعل ذلك اغترفي نفسه وقال : قد صنعتُ ما لم يصنعه أحد.فاطّلع الله تعالى علن ذلك من قَلْبِهِ ولم يَطَلعْ عليه أحدٌ من الملائكة الذين معه. ورويَ عن أنس نحوه، وروى أبو صالح عن ابن عباس ومُرة الهمداني عن ابن مسعود أنهما قالا : لما فرغ الله تعالى من خلق ما أحب آستوى على العرش فجعل إبليس علن مُلْك سماء الدنيا وكان من قَبِيْلٍ من الملائكة يُقالُ لهم الجن وإنما سُموا الجن لأنهم من خُزان الجنة وكان إبليس مع مُلكه خازناً فوقع في نفسه كِبْر وقال : ما أعطاني اللّه تعالى هذا الأمرُ الا لمزية لي علن الملائكة فاطلع الله على ذلك منه فقال : إني جاعل في الأرض خليفة.قال ابن عباس : وكان اسمه " عزازيل "، وكان من أشد الملائكة اجتهاداً وأكثرهمُ عِلْماً فدعاه ذلك إلى الكِبْر. وهذا قولٌ ثالث في سبب كبره.وروى عِكْرِمَة عن ابن عباس أنّ الله تعالى خلق خلقاً، فقال : اسجدوا لآدم.فقالوا : لا نفعل.فبعث عليهم ناراً فأحرقتهم، ثم خلق خلقاً آخر فقالي : إني (خالق بشراً من طينٍ " فاسجدوا لآدم.فأبوا.فبعث الله تّعالى عليهم ناراً فاحرقتهم، ثم خلق هؤلاء الملائكة فقال : أسجدوا لآدم قالوا : نعم.وكان إبليس من أولئك الذين لم يسجدوا.وقال شهر بن حوشب : إن إبليس كان من الجن الذين سكنوا الأرض وطردتهم الملائكة وأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء.ورويَ عن سعيد بن مسعود ذلك. وأولى الأقوال بالصواب أن يقال : كما قال الله تعالى : (وَإذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ آسْجُدُوا لأدَمَ فَسَجَدُوا إلا إبْلِيْسَ كَانَ مِنَ الجِن فَفَسَقَ عَنْ أمْرِ رَبهِ ".وجائزٌ أن يكون فُسُوقُهُ من إعجابه بنفسه لكثرة عبادته واجتهاده، وجائز أن يكون لكونه من الجن.