والبروتينات مركبات كيميائية فائقة التعقيد، لا يستطيع الانسان أن يحضرها بسهولة في المختبرات، أعطى ربنا سبحانه وتعالى هذه الجسيمات المتناهية في الضآلة القدرة على أن تنتج في داخل الخلية الحية أكثر من مائتي ألف نوع من البروتينات يحتاجها الجسم، أي قدرة هذه!! في الخلية الواحدة يتم تحويل خمسين بالمائة من الطاقة المخزنة في الجلوكوز إلى ATP والخمسين بالمائة الباقية من الطاقة ترسل للجسم للمحافظة على حرارته، في محركات السيارة لا تزيد كفاءة المحرك على إنتاج العمل المفيد على 20 بالمائة، هنا في الخلية 50 بالمائة، وعدد ال ATP الموجودة في الخلية الواحدة في أي لحظة من الزمن يزيد عن البليون جزيء!!!! كل هذه الجزيئات البليون في كل خلية حية تستهلك بالكلية وتتبدل كل دقيقة أو دقيقتين!!!!!! أي مصنع عملاق هذا!!!!! تذكر أن قطره يترواح في المتوسط بين 0.01 إلى 0.03 مليمتر!
الشفرة الوراثية في الانسان، حينما استطاع العلماء استقراءها، قالوا أن بها في الخلية الواحدة 18.6 بليون قاعدة كيميائية في حيز لا يشغل أكثر من واحد على مليون من الملمتر المكعب، وإذا
فُرِدَ بلغ طوله متران، سمكه واحد على خمسين مليون من الملمتر، بداخله 18.6 بليون قاعدة
كيميائية، لو اختل وضع قاعدة واحدة منها يختل هذا النظام بأكمله، أي دقة هذه وأي عظمة هذه !!
أي مصنع عظيم هذا !
هل يمكن أن يكون هذا البناء نتيجة صدفة؟ أو نتيجة عشوائية؟ أشعة شمس تتفاعل مع التراب
والماء؟؟ مادة صماء بكماء لا تعقل تنتج كل هذا النظام المعقد!! أو ناتجا عن غير إرادة مريد
وتقدير عليم خبير؟
لذلك يؤكد كثير من علماء الغرب نفسه أن خلق الخلية الأولى لا يمكن أن يكون تم بمحض
الصدفة، بل يحتاج إلى تدبير وإحكام وتخطيط عجيب، لا تطيقه إلا قدرة فائقة ليست إلا قدرة الله
سبحانه وتعالى، ولا تطيقه القدرة الانسانية العاقلة بتسليط عقلها وقدراتها على ذلك وقد حاول
الشيوعيون السوفيات القيام بتخليق خلية في المختبر مع علمهم التام بكل مكوناتها، وفشلوا أيما
فشل،
لدينا ثمانية عشر حاجزا علميا ثبت ثبوتا قطعيا يحول دون عشوائية تكون ليس الخلية الحية بل ما
هو أصغر منها من مكوناتها، وهو الجزيء البروتيني، وهو الذي يتكون من ستة عناصر هي
الكربون والأكسجين والنيتروجين والهيدروجين والفسفور والكبريت، يقول العلماء أن مجرد
اختيار هذه العناصر الستة، من بين العناصر المائة وخمسة المعروفة لدينا في الارض، وأن يكون
هذا الاختيار بمحض الصدفة أي من غير تدبير قدرة خارجية لها إرادة وتدبير على هذا الاختيار،
فمن لا يقول بهذه القدرة لا يوجد أمامه إلا أن يقول أن المادة الصماء هي التي اختارت، ولأنه لا
إرادة لها فلا شك أن ذلك تم بالصدفة، فالقائل بهذه الصدفة يحتاج إلى مادة كمادة الكون المنظور
الذي قطره عشرون ألف مليون سنة ضوئية، (تذكر القطر هو ضعف نصفي القطر، والعشرون
مليارا هنا بناء على تقدير عمر الكون بعشرة مليارات سنة راجع بعد قليل حسابات نصف قطر
الكون) مضروبة في رقم فلكي في زمن قدره عمر الكون وهو عشرة مليار سنة (بعض التقديرات
تقول أنه 13.7 مليار) مضروبة في رقم فلكي مجرد اختيار هذه العناصر بمحض الصدفة من
بين العناصر المائة وخمسة المعروفة لدينا يتطلب كل هذه المادة وكل هذا الزمن ليتم ذلك صدفة
بناء على الحسابات الرياضية للاحتمالات.
كتب فرانك ألن وهو عالم الطبيعة البيولوجية ماجستير ودكتوراه من جامعة كورنل – أستاذ
الطبيعة الحيوية بجامعة مانيتويا بكندا من سنة 1904 إلى سنة 1944- اخصائي في أبصار
الألوان والبصريات الفسيولوجية وإنتاج الهواء السائل، وحائز على وسام توري الذهبي للجمعية
الملكية بكندا. في كتاب الله يتجلى في عصر العلم، وقد كان العالم يعرف وقتها فقط 95 عنصرا
واليوم يعرف 105 عناصر: كتب:
ان البروتينات من المركبات الأساسية في جميع الخلايا الحية. وهي تتكون من خمسة عناصر
هي: الكربون، والايدروجين، والنيتروجين، والأوكسجين، والكبريت. ويبلغ عدد الذرات في
الجزيء البروتيني، الواحد 40000 ذرة (هذه المعلومات بناء على ما كان متوفرا قبل حوالي 6
60 عاما). ولما كان عدد العناصر الكيماوية في الطبيعة 92 عنصرا موزعه كلها توزيعا
عشوائياً، فان احتمال اجتماع هذه العناصر الخمسة لكي تكون جزئيا من جزئيات البروتين يمكن
حسابه لمعرفة كمية المادة التي ينبغي ان تخلط خلطا مستمرا لكي تؤلف هذا الجزء، ثم لمعرفة
طول الفترة الزمنية اللازمة لكي يحدث هذا الاجتماع بين ذرات الجزيء الواحد.
وقد قام العالم الرياضي السويسري تشارلز يوجين جاي بحساب هذه العوامل جميعا فوجد ان
الفرصة لا تتهيأ عن طريق المصادفة لتكوين جزيء بروتيني واحد الا بنسبة 1 إلى 10* 160
مرة اي بنسبة 1 إلى رقم عشرة مضروبا في نفسه 160 مرة. وهو رقم لا يمكن النطق به أو
التعبير عنه بكلمات. وينبغي ان تكون كمية المادة التي تلزم لحدوث هذا التفاعل بالمصادفة بحيث
ينتج جزيء واحد اكثر مما يتسع له كل هذا الكون بملايين المرات. ويتطلب تكوين هذا الجزيء
على سطح الأرض وحدها عن طريق المصادفة بلايين لا تحصي من السنوات قدرها العالم
السويسري بانها عشرة مضروبة في نفسها 243 مرة من السنين (10*243 مرة سنة).
ان البروتينات تتكون من سلاسل طويلة من الأحماض الأمنية.
http://en.wikipedia .org/wiki/ Protein فكيف تتألف ذرات هذه الجزئيات؟ انها اذا تآلفت بطريقة اخرى غير التي تتآلف بها، تصير غير صالحة للحياة، بل تصير في بعض الاحيان سموما، وقد حسب العالم الانجليزي ج.ب. ليثز J. B. Leathes الطرق التي يمكن ان تتألف بها الذرات في احد الجزئيات البسيطة من البروتينات فوجد ان عددها يبلغ البلايين (10*48 مرة). وعلى ذلك فانه من المحال عقلا أن تتآلف كل هذه المصادفات لكي تبني جزيئا بروتينيا واحداً.
ولكن البروتينات ليست الا مواد كيماوية عديمة الحياة، ولا تدب فيها الحياة الا عندما يحل فيها ذلك السر العجيب الذي لا ندري من كنهه شيئا. انه العقل اللانهائي، وهو الله وحده، الذي استطاع ان يدرك ببالغ حكمته ان مثل ذلك الجزيء البروتيني يصلح لان يكون مستقرا للحياة فبناه وصوره وأغدق عليه سر الحياة.
انتهى قوله، نتابع مع الدكتور النجار بتصرف :
فهذا هو الحاجز الأول، أما الثاني فهو أنني حتى أكوّن حمضا أمينيا، والحمض الأميني هو
مركب عضوي مكون من هذه العناصر الستة، له مجموعتان، مجموعة نيتروجينية، فيها
النيتروجين والهيدروجين، ومجموعة اسمها كربوكسيل، فيها الاكسجين والكربون وبعض ذرات
الهيدروجين، هاتان المجموعتان يتجمعان معا لتكوين الحمض الأميني، كل ما يعرفه الانسان من
الأحماض الأمينية عشرون حمضا، تبني أجساد كل الكائنات الحية،
تسعة أساسية مهمة جدا (لا يمكن للجسم البشري أن يصنعها بنفسه) والباقي غير أساسية (يمكن
صنعها داخل الجسم البشري، بشرط التغذية السليمة)
Essential Amino Acids ("Indispensible" )
Histidine; Isoleucine; Leucine; Lysine; Methionine; Phenylalanine; Threonine; Tryptophan; Valine
Non-Essential Amino Acids ("Dispensible" )
Alanine; Arginine; Asparagine ; Aspartic Acid ; Cysteine (also known as Cystine); Glutamic Acid ; Glutamine ; Glycine; Proline ; Serine; Tyrosine
هذه الجزيئات حتى تتجمع، ولكي تكون صالحة لبناء جزيء بروتيني، حيث أن الجزيء البروتيني
عبارة عن سلسلة طويلة من الأحماض الأمينية، تترتب مع بعضها البعض ترتيبا خاصا، هذه
الأنواع العشرون من الأحماض الأمينية، تبني أكثر من مائتي ألف نوع من الجزيئات البروتينية،
بأن تترتب ترتيبات مختلفة، هذه المائتا ألف نوع في الخلية الحية الواحدة تفرزها هذه الأحماض
هذه اللبنة التي هي الحمض الأميني، لكي يكون صالحا ليبني جزيئا بروتينيا لا بد أن ترتب فيه
الذرات ترتيبا يساريا، بمعنى أن هذه الذرات عندما تترتب حول ذرة الكربون، إما أن تترتب ترتيبا
يمينيا من اليمين لليسار أو يساريا من اليسار لليمين، ويثبت العلم أن الأحماض الأمينية في أجساد
كل الكائنات الحية الانسان والحيوان والنبات مرتبة ترتيبا يساريا، فإذا مات الكائن الحي تعاود هذه
الذرات ترتيب نفسها ترتيبا يمينيا، بنسب محددة ثابتة يستطيع معها العلماء أن يستخدموها لتحديد
لحظة وفاة هذا الكائن الحي، بحساب نسبة الذرات اليمينية، إلى الذرات اليسارية تستطيع تحديد
منذ متى مات هذا الكائن الحي، فالسؤال هو من هو الذي أخضع كل هذه الذرات لتترتب ترتيبا
يساريا في داخل جزيء الحمض الأميني؟ ثم تعيد ترتيب نفسها ترتيبا يمينيا بعد وفاته بنسب ثابتة
محددة يستطيع معها العلماء أن يحسبوا حسابات دقيقة لأي كائن حي ولو وجدوا منه فضلة
صغيرة جدا من بقاياه لا يتخلف هذا القانون المفروض على هذه الذرات في كل الكائنات؟ وهذه
تسمى راسيمايزيشن أوف ذا أمينو أسيد، أي إعادة ترتيب ذرات الأحماض الأمينية، من الترتيب
فهذا الحاجز الثاني الذي يمنع أن يكون ذلك صدفة، فالأول كان استحالة اجتماع هذه العناصر من
بين العناصر الموجودة في الدنيا لوحدها بمحض الصدفة لتكون الحمض الأميني، واحتمال ذلك
هو واحد مضروبة في عشرة أمامها 42 صفرا، وفي الرياضيات عندما تتخطى العشرة مضروبة
في خمسين يكون الاحتمال مستحيلا، وأما الثاني، فلان لدينا عشرون حمضا أمينيا تشترك في بناء
الجزيء البروتيني، فحتى يحصل ذلك الاحتمال وهو صدفة اجتماع تلك العناصر لتكوين حمض
أميني ليتكون من مجموع تلك الأحماض الجزيء البروتيني نضرب ذلك الاحتمال في عشرين،
ليكون الناتج لدينا هو واحد مضروبا في عشرة أمامها 840 صفرا! وأما الحاجز الثالث الذي يمنع
الصدفة ويجعلها مستحيلة، فهو أنه لكي ترتب هذه الأحماض في أجساد الكائنات الحية لا بد أن
تكون مرتبة ترتيبا يساريا، لا يمينيا، ومثل هذا الاحتمال يوصل إلى المالانهاية،
قلنا: البروتين العادي يتكون من سلسلة من 445 حمضا أمينيا مرتبة ترتيبا يساريا، ولم يوجد في الدنيا حمض أميني مرتب ترتيبا يمينيا في كائن حي، ،
The chances of an average protein consisting of 445 amino acids forming by chance are one chance out of 2* 10*410 times or 10*123 times (35 of the amino acids would be glycine, which is symmetrical) .
إمكانية تكون البروتين العادي الحاوي ل445 حمض أميني يساري بمحض الصدفة بتطبيق قوانين
الاحتمالات يكون واحدا من رقم يمثل عشرة أمامها 410 أصفار، ولأنه لدينا 35 حمضا أمينيا
منها هي الجلايسين والتي هي متماثلة، فإن الرقم بوجود هذه يصبح واحدا على رقم عشرة
مضروبا في نفسه 123 مرة أي أمام الواحد 123 صفرا!) ولتمثيل احتمالية حصول مثل هذا
الرقم نقول كأنه سير حلزونة تسير بمعدل بوصة (2.5 سنتمترا) كل مليون سنة، مهمة أن تقطع
الكون من طرفه إلى طرفه الآخر!!!
فماذا عن تكون ملايين البروتينات التي تتشكل منها أجسام الكائن الحي الواحد (الانسان فيه 10
مليون مليون خلية في كل خلية، يقدر العلماء أن كل خلية حية تحوي 10 بليون جزيء بروتين،
بتنوعات مختلفة تفوق العشرة ألاف نوع!!!! فإذا ضربت في المتوسط كل بروتين ب 250
حمضا أمينيا يتكون منه، (في الواقع الرقم الاعتيادي هو 445) ففي كل خلية حوالي 2500
بليون – 4450 بليون حمضا أمينيا!!!!!!! والبليون ألف مليون: 1,000,000,000، أي أن
الانسان في المتوسط فيه ما يزيد على 10 أمامها 22 صفرا من جزيئات البروتين!
فإذا ما تكون الحمض الأميني، لا بد أن يعزل عن الوسط المائي، لأنه لو بقي في الوسط المائي
لتحلل وضاع، فكيف يُعزل؟ ومن الذي أعلمه بأن عليه أن يعزل؟ إذ لو تكون أول مرة صدفة ولم
يكن يعلم أن عليه أن يعزل ووُجد في وسط مائي لتحلل واحتجنا أن نعيد كل تلك الاحتمالات
ملايين المرات حتى يحصل أن يتركز لدى الحمض الأميني أن عليه أن يُعزل، لأن المطلوب لدينا
هو تكون عشرين حمضا أمينيا لا مجرد حمض واحد حتى يتكون جزيء البروتين لتكون قادرة
على إنتاج أكثر من مائتي ألف تنوع من البروتينات اللازمة للكائن الحي! فهذا حاجز آخر، لأنه
لا يعزل من تلقاء نفسه وهو غشاء رقيق يعزله عن الماء.
أبسط كائن حي فيه خمسين من هذه العشرين حمض أميني، وهذا يجعل احتمال وجود أبسط كائن
حي هو الرقم السابق مضروبا في خمسين مرة!! ليكون وجود هذا الكائن الحي البسيط ممكنا
صدفة!
في كتابه Evolution: Possible or Impossible
يقوم Coppedge :
يقوم بحساب الاحتمالات الممكنة لنشوء مثل ذلك البروتين، بمحض الصدفة، أي بروتين واحد!!
he comes up with the probability for the first cell to evolve by
accident as one chance in 10*29345 times. It would take an 80-page
book just to print that number
.
أي أنه وصل لرقم احتماليته واحد على واحد أمامه 29345 أصفار، وهذا الرقم حتى تكتب
أصفاره فقط تحتاج لكتاب من 80 صفحة تملؤها بتلك الأصفار!!
وحتى تقوم بتصور مقدار ضخامة هذا الرقم فإن تقدير المسافة بين طرفي الكون المنظور بالأمتار هو رقم واحد أمامه 28 صفرا!!
In comparison, the number of meters across the known universe i 10*28 times حساب نصف قطر الكون المنظور يتم بمعرفة أن عمر الكون يقدر بحوالي 13.7 مليار سنة، فالضوء يسير في هذه المدة مسافة مضروبة بسرعته وهي 300 ألف كيلومترا في الثانية، في الدقيقة 60 ثانية، وفي الساعة 60 دقيقة، وفي اليوم حوالي 24 ساعة، أي 86400 ثانية تقريبا في اليوم، مضروبة في 365 يوما تقريبا في السنة، فيكون الناتج 31536 ألف ثانية في السنة،
لكن السنة تزيد على ذلك بمقدار إذ تقريبا فيها 365.242199 يوما فيكون في السنة
31,446,925.9936 ثانية، يعني تقريبا 31446926 ثانية في السنة الواحدة.
تضربها في سرعة الضوة 300 ألف كيلومتر في الثانية، فيكون الناتج: 9434078 أمامها 8
صفرا تمثل الأمتار في كل سنة يسير الضوء هذه المسافة
فتضرب الناتج في 13.7 أمامها 9 أصفار، فيكون الناتج 1292468659 أمامها 17 صفرا
تمثل كم مترا نصف قطر الكون، فلو قربناه يكون حوالي 1.3 أمامه 28 صفرا تمثل بالأمتار
نصف قطر الكون.
فتخيل رقما احتماليته واحد على واحد أمامه 29345 أصفار إذا كان نصف قطر الكون بالأمتار
فقط أمامه 28 صفرا!!
يقول العلماء أن الأحماض الأمينية ترتبط مع بعضها البعض لتكون الجزيء البروتيني، برباط
خاص، الحمض الأميني له أذرع متعددة، فلا بد أن ترتبط بذراع معينة، يسمونها الرابطة
الببتيدية، فلو ارتبط بغيره لا يصلح!، بل قد يتحول سما زعافا يقضي على الحياة، أي لا يصلح أن
يكون لبِنَةً لبناء الحياة، فهذا حاجز آخر،
الأحماض الأمينية نفسها حتى تترتب داخل الجزيء البروتيني، لا بد أن ترتب ترتيبا يساريا هي
الأخرى، فالذرات في داخل الحمض الأميني ترتبت ترتيبا يساريا والأحماض الأمينية نفسها
تترتب ترتيبا يساريا، في داخل الجزيء البروتيني، فهذا عائق آخر يحول دون الصدفة أو دون أن
يكون هذا الأمر بإرادة مريد قادر عالم حكيم خبير.
الجزيء البروتيني متوسط الحجم، فيه 288 جزيء من الأحماض الأمينية، فالرقم الذي كان لدينا
يحتاج أن نضربه في 288 ليكون احتمال الصدفة معدوما، فالعائق واحد على عشرة أمامها 300
صفر، فهذا عائق سابع يضاف للعوائق السابقة مقدار هذا العائق 1 على عشرة أمامها 300
صفر.
الجزيء البروتيني نفسه لا يمكن أن ينشط في غيبة الأنزيمات، والأنزيمات هي بروتينات!! طيب
أيهما وجد أولا؟ البروتينات أم الأنزيمات؟ كنفس مسألة أيهما أول البيضة أم الدجاجة؟ مشكلة
كبيرة أمام العلماء إن لم يفقهوا أن الدور لا بد أن ينكسر من قبل قدرة خارجية، أي لا بد من خالق
يخلق هذا وذاك ليجعل وجود هذا ووجود ذلك ممكنا وإلا استحال وجودهما معا لأن فيه ما يسمى
بالدور، أي أن الأول محتاج للثاني والثاني محتاج للأول، فيستحيل أن يوجدا، ولكننا نراهما
موجودين، فهذا يعني أن الدور قد كسر من قبل قوة خارجية فاعلة، وهي قدرة الخالق.
لا بد أن يتجمع على الأقل مليون من الجزيئات البروتينية لتكوين خلية واحدة، والتي قطرها لا
يزيد على اثنين إلى ثلاثة من المائة من الملمتر، تلك المصنع العملاق!! وهذا يضطرنا للضرب
في معامل آخر يحول بين الصدفة وبين أن توجد الخلية الحية بدون قدرة قادر!!
وهذه الملايين من البروتينات لا بد أن تعزل عن الوسط التي توجد فيه، وإلا تحللت وتفككت، لو
لم يكن هناك مخطط لعزلها مسبقا، لضاعت ولما تكونت الخلية،
في داخل الجزيء البروتيني هنالك شفرة وراثية، هذه بحاجة لمخطط كبير يرسم الصفات التي
تعطى للكائن الحي، من الذي رسم ذلك وحدده وجعله قانونا يسري في الكائنات الحية، يفضي إلى
كل هذه التنوعات، وهذه التفردات في كل كائن عن غيره،
النويدات التي في الشفرة الوراثية ترتب ترتيبا يمينيا، بعكس الحمض الأميني وذرات الحمض
الأميني، التي ترتب ترتيبا يساريا، والنويدات هي الحروف التي تكتب بها الشفرة الوراثية، هذه
الشفرة الوراثية أعطاها ربنا القدرة على أن تنقسم فتكرر ذاتها بطريقة عجيبة للغاية، كيف تنقسم
وكيف تكررذاتها؟ كيف تكونت الجسيمات المختلفة داخل الخلية الحية؟ مصانع البروتينات
المختلفة؟ كيف تكون الجدار؟ كيف تكون السايتوبلازم؟ كيف تكون البروتوبلازم؟ كيف تكون
جدار النواة؟ كيف تكون الحمض الأميني في داخل النواة؟ كيف كتبت الشفرة الوراثية؟ كيف
جمعت هذه المعقدات كلها داخل كيس واحد؟ داخل غلاف واحد ؟ من الذي جمعها وكيف جمعت؟
وكيف لعاقل أن يتخيل أن الصدفة قادرة على ذلك؟ أو أن ذلك تم من غير تخطيط وتدبير منلدن
عليم خبير قادر؟
إذا عرفنا أنه في داخل الخلية الحية الانسية، أكثر من مائتي ألف نوع من الجزيئات البروتينية،
هل يمكن أن تتجمع هذه بالصدفة؟ هذا كله في خلية واحدة بسيطة، حتى على مستوى البكتيريا أو
الفيروس أو اي كائن بدائي، فهذه العوائق الثمانية عشرة كلها تحول دون الصدفة، ودون أن تكون
المادة وحدها هي من أنتج كل هذا وخطط لكل هذا ونفذ كل هذا، في ضمن إطار حدود الكون
المنظور والزمان اللازم لحصول كل هذا حيث أن أقدم أثر للحياة على الارض لا يزيد عمره عن
3.8 مليار سنة، وقبل هذا لم تكن الأرض صالحة للحياة، إذ كانت كتلة ملتهبة، لم يتشكل بعد
غلافها الجوي ولا المائي، وعمر الأرض كله 4.6 مليار سنة، أي أنها منذ تكونها أخذت 800
مليون سنة لتتهيأ لاستقبال الحياة، فلو قيل حصلت أول حياة صدفة، فمن أين تأتى لها ذلك
والأرض لم تكن مهيأة بعد للحياة، والفترة الزمنية ضيقة بسيطة قليلة لا تكفي لاجتماع العناصر
الستة معا منتقاة من بين العناصر المائة والخمسة التي نعرفها اليوم في الأرض.
ويهدف مشروع الجينوم البشري إلى التعرف إلى التركيب الوراثي الكامل والشفرة الجينية
للإنسان، ويشمل ذلك نحواً من ثمانين ألف جين، تضمها ثلاثة مليارات وحدة في كل من خلايا
الجسم البشري التي يبلغ عددها مائة تريليون خلية، والتريليون يساوي ألف مليار!
وإذا وضعت مكونات جميع الحمض النووي في جسم الإنسان صفاً واحداً فإن هذا الصف يعادل
المسافة بين الأرض والشمس ستمائة مرة! أما المعلومات الخاصة بشفرة الحامض النووي والتي
يتوقع العلماء أن ينتهوا منها في العام 2003م فإنها يمكن أن تملأ مائتي كتاب بحجم دليل الهاتف
يتكون كل منها من خمسمائة صفحة.
الخلية عبارة عن كم من مادة هلامية تسمى بالجبلَّة أو السيتوبلازم، وهذا الكم له جدار، والجدار
من مادة حية، يتبادل الخلايا -عبر هذا الجدار- الغذاء والأكسجين شبكة من الاتصالات هائلة
تعطي الأوامر وتستقبلها، ثم في داخل النواة توجد ما يسمى بالشبكة الكروماتينية أو الشبكة
الصبغية، هذه الشبكة مكونة من عدد محدد من الكروموسومات، هي في الإنسان 46
كروموسوم، كروموسوم يعني جسم يقبل الصبغة، كرومو باللاتيني يعني لون، وسوم يعني جسم،
فهي جسيمات تقبل الصبغة حتى تتضح للإنسان. الإنسان يتميز خلاياه بـ 46 صبغي أوجسيم يقبل
الصبغة، هي التي تحمل الصفات الوراثية للإنسان. هذه نصفها من الأم ونصفها من الأب. هذه
الكروموسومات الـ 46 توجد في زوجية عجيبة، كل زوجين مع بضعهما البعض، فهم في 23
زوج. 22 منها مهتمة بتكرار نفسها لبناء الجسد، وزوج منها مهتم بعملية التكاثر التي تنتج ا
لحيوانات المنوية والبويضات.
الكرموموسوم له تركيب معقد للغاية، فهذه الكرموسوم أو هذه الصبغي الذي فرد له جدران
مكونان من السكر والفوسفات، ويتحرك بين الجدارين قواعد نيتروجينية التي نراها كسلم..
كدرجات السلم الخشبي من بنيهما، كل مسافة عبارة عن زوج من القواعد النيتروجينية..
http://en.wikipedia .org/wiki/ Chromosome الصبغي الواحد به 6 مليار قاعدة نيتروجينية، 6.2 مليار من القواعد النيتروجينية. كل قاعدتين تصطفان في خط واحد، وتستندان على الجدار بجزئ من السكر وجزئ من الفوسفات، وترتيب هذه القواعد –وهي كلها أربع قواعد- يقول العلماء: أن الشفرة الوراثية للإنسان تكتبها هذه القواعد الأربع، تبادل هذه القواعد في نظام محكم دقيق للغاية -6 مليار قاعدة- تنتظمها 3 مليار.. 3.1 مليار زوج من هذه القواعد حينما تلتقي هذه القواعد بجزئ السكر وجزئ الفوسفات تكون ما يعرف بالنويدات، كل 3 نويدات تكون شفيرة، أو ما يعرف باسم الكودون، هذه الشفيرة هي التي تقوم بإعطاء الأوامر لبناء حمض أميني معين، والأحماض الأمينية هي لبنات بناء الجزيء البروتيني، فهي تعطي الأمر يصل إلى جسيمات في وسط الخلية لبناء حمض أميني معين، ومن الأحماض الأمينية تخلق البروتينات. والخلية الواحدة يمكن لها أن يتخلق بداخلها مائتي ألف نوع من البروتينات.
الكروموسوم عبارة عن شريط من الحمض النووي بيسموه الـ D.N.A، هذا الشريط مكدس على
ذاته في حلزون لا يكاد يشغل واحد على مليون من الملليمتر في داخل الخلية ملليمتر مكعب، لو
فرد هذا الحلزون يصل طوله إلى مترين تقريباً.
http://en.wikipedia .org/wiki/ DNA ويقول أحد العلماء المعاصرين وهو (فريد هويل) أحد الفلكيين الكبار المعاصرين البريطانيين – سير فريد هويل- يقول: لو فردنا هذه الشفرة.. هذا الشريط الحلزوني من 46 كروموسوم في داخل كل خلية في كافة خلايا جسم الإنسان، ووضعت بجوار بعضها البعض لفاقت المسافة بين الأرض والشمس، وهي 150 مليون كيلو متر! ففيه في داخل خلايا الجسم البشري الفرد الواحد 150 مليون كيلو متر من المعلومات الدقيقة للغاية المرتبة ترتيباً محكماً للغاية، لو اختل وضع ذرة واحدة فيها لفقدت دورها في البناء، أو أصابت صاحبها بأمراض متعددة تعرف باسم الأمراض الوراثية.
هذه هي الـ 23 زوج من الكروموسومات في داخل الخلية الإنسانية تم دراستها، ومعرفة
أشكالها، ووظيفة كل منها، وإن كان الكروموسوم نفسه يحمل على سطحه الجينات، والجينات هي
الشفرة الوراثية، فكل كروموسوم مقسم بفواصل محددة، هذه الفواصل تفصل القواعد
النيتروجينية اللي هي تحدثنا عنها 6.2 مليار قاعدة نيتروجينية تفصلها فواصل محددة، كل فاصل
فيه عدد من الجينات يبلغ حوالي مائة جين تقريباً، ومجموع الجينات في جسم الإنسان لم يستطع
العلماء أن يدركوه بالضبط فالرقم يتراوح ما بين 30 ألف إلى 140 ألف جين، فكل كروموسوم
يحمل عدد من هذه الجينات. وهذه الجينات عبارة عن مجموعات من الشفيرات اللي هي
الكودونات هذه، مجموعات من الشفيرات تعطي.. كل منها مسؤول عن صفة معينة في حياة
الإنسان في صفات هذه الخلية..
من الغريب أن الخارطة الأخيرة التي أعلن عنها (كلينتون) و (بلير) تقول: أن -من أبرز
اكتشافاتها- أن البشر يتفقون في 99.9% من الشفرة الوراثية، يعني فقط الاختلاف ما بين هذه
المليارات من البشر على 0.1%
و 0.1% يستوعب الـ 6 مليار من البشرية التي تحيا الآن، ويستوعب البلايين التي عاشت
وماتت، ويستوعب القادمون في المستقبل، وكل هذا كان في صلب أبينا آدم –عليه السلام- لحظة
خلقه، ولذلك يقول الحق –تبارك وتعالى- بسم الله الرحمن الرحيم: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من
ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا
عن هذا غافلين).
فالخلق بأجمعه، الذين يحيون الآن والذين عاشوا في القديم، الماضي القديم، والذين سيأتون في
المستقبل كانوا كلهم في الشفرة الوراثية لأبينا آدم.. في صلب أبينا آدم لحظة خلقه، وأن الله -
تعالى- قد أشهدهم على وحدانيته، وشهدوا بذلك، فيرد الحق -تبارك وتعالى- (أن تقولوا يوم
القيامة إنا كنا عن هذا غافلين).
إذا نحن عرفنا أنه حتى اثنان من الأشقاء يمكن أن نرى اختلافات جذرية بينهما ما بين السماء
والأرض، فكيف أن كل البشرية، الخلافات الموجودة بينها من أول الخلق إلى الآن و6 مليارات
إنسان هوفي مساحة 0.1 في المائة فقط!
هذا.. هذا ما أثبتته الخارطة الوراثية التي تم الإعلان عنها في يونيو 2004،ومن العجب أن هذا
الـ %0.1 من الاختلافات تشمل كل هذا الخلق.