منتدى بيت الأسرة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى بيت الأسرة


 
الرئيسيةبوابة الأسرةأحدث الصورالتسجيلدخول
نرحب مجددا بجميع أعضاء بيت الأسرة ,, ويسعدنا تننشيط عضويتكم بالتواصل على جوالي بالنسبة للأعضاء ,, وعلى جوال أم عبدالله بالنسبة للأخوات ,, وبامكان الجميع التواصل معي على ايميلي aabohadi @hotmail.com ,, متمنين للجميع سنة جميلة مليئة بالحب والتواصل
 


 

 ذكر دخول المسلمين بلاد الأعاجم (ذاكرة التاريخ الاسلامي)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ماجد قادري
عضو ذهبي
عضو ذهبي
ماجد قادري


نقاط : 8853
سمعة العضو : 5
الموقع : صبيا

ذكر دخول المسلمين بلاد الأعاجم (ذاكرة التاريخ الاسلامي) Empty
مُساهمةموضوع: ذكر دخول المسلمين بلاد الأعاجم (ذاكرة التاريخ الاسلامي)   ذكر دخول المسلمين بلاد الأعاجم (ذاكرة التاريخ الاسلامي) Icon_minitimeالجمعة أبريل 30, 2010 3:41 am

ذكر دخول المسلمين بلاد الأعاجم
وفيها أمر عمر المسلمين بالانسياح في بلاد العجم وطلب الفرس أين كانوا،وقيل:كان ذلك سنة ثمان عشرة وقد تقدم ذكره . وسبب ذلك ما كان من يزدجرد وبعثه الجنود مرة بعد أخرى، فوجَه الأمراء من أهل البصرة وأهل الكوفة بعد فتح نهاوند وكان بين عمل سعد وعمل عمار بن ياسر أميران ، أحدهما عبد الله بن عبد الله بن عتبان وفي زمانه كانت وقعة نهاوند، والآخر زياد بن حنظلة حليف بني عبد بن قصي ، وفي زمانه أمر بالانسياح وعزل عبد الله وبعث في وجه آخر، وولى زياد وكان من المهاجرين فعمل قليلاً وألحَ في الاستعفاء فأعفاه عمر، وولى عمار بن ياسر وكتب معه إلى أهل الكوفة:" إني بعثتُ عماراً أميراً، وجعلتُ معه ابن مسعود مُعَلِّماً، وكان ابن مسعود بحمص فسيّره عمر إلى الكوفة وأمد أهل البصرة بعبد الله بن عبد الله وأمد أهل الكوفة بأبي موسى . وكان أهل همذان قد كفروا بعد الصلح فبعث عمر لواء إلى نعيم بن مقرن وأمره بقصد همذان فإذا فتحها سار إلى ما وراء ذلك إلى خراسان ، وبعث عتبة بن فرقد، وبكير بن عبد الله إلى أذربيجان وفرقها بينهما يدخل أحدهما من حلوان والآخر من الموصل ، وبعث عبد الله بن عبد الله إلى أصبهان وأمر عمر بن سراقة على البصرة .
ذكر فتح أصْبَهَان (1)
وفيها بعث عمر إليها عبد الله بن عبد الله بن عتبان وكان شجاعاً من أشراف الصحابة ومن وجوه الأنصار حليفاً لبني الحبلى من بني اسد وأمدّه بأبي موسى ، وجعل على مجنبتيه عبد الله بن ورقاء الرياحي ، وعصمة بن عبد الله ، فساروا إلى نهاوند ورجع حذيفة إلى عمله على ما سقت دجلة وما وراءها .
وسار عبد الله فيمن كان معه ومن تبعه من جند النعمان بنهاوند نحو أصبهان ،وعلى جندها الاستندار، وعلى مقدمته شهربراز بن جاذويه شيخ كبير في جمع عظيم فالتقى المسلمون . ومقدمة المشركين برستاق لاصبهان فاقتتلوا قتالاً شديداً ودعا الشيخ إلى البِرَاز فبرز له عبد الله بن ورقاء الرياحي فقتله وانهزم أهل أصبهان فسمي ذلك الرستاق رستاق الشيخ إلى اليوم وصالحهم الاستندار على رستاق الشيخ وهو أول رستاق أخذ من أصبهان ، ثم سار عبد الله إلى مدينة جَف (2) وهي مدينة أصْبَهَان فانتهى إليها والملك بأصبهان الفاذوسفان فنزل بالناس على جَف وحاصرها وقاتلها ثم صالحه الفاذوسفان على أصبهان وأنّ على مَنْ أقام الجزية وأقام على ماله وأنْ يجري مَنْ أخذت أرضه عنوة مجراهم ، ومَنْ أبن وذهب كان لكم أرضه . وقدم أبو موسى على عبد الله من ناحية الأهواز وقد صالح فخرج القوم من جَيّ ودخلوا في الذمة إلا ثلاثين رجلاً من أهل أصبهان خالفوا قومهم وتجمعوا و لحقوا بكرمان . ودخل عبد الله ، وأبو موسى جَيّاً، وكتب بذلك إلى عمر فقدم كتاب عمر إلى عبدالله أنْ سِرْ حتى تقدم على سُهَيل بن عدي فتكون معه على قتال مَنْ بكرمان ، فسار وأستخلف على أصبهان السائب بن الأقرع ولحق بسهيل قبل أنْ يصل إلى كرمان . قيل:وقد روي عن معقل بن يسار أن الأمير كان على الجند الذين فتحوا أصبهان النعمان بن مقرن وأنّ عمر أرسله من المدينة إلى أصبهان وكتب إلى أهل الكوفة أنْ يمدوه ، فسار إلى أصبهان وبها ملكها ذو الحاجبين فأرسل إليه المغيرة بن شعبة وعاد من عنده فقاتلهم وقتل النعمان ووقع ذو الحاجبين عن دابته فانشقّت بطنه وأنهزم أصحابه . قال معقل:فأتيت النعمان وهو صريع فجعلت عليه عَلَماً، فلما أنهزم المشركون أتيته - ومعي أداوة فيها ماء - فغسلت عن وجهه التراب فقال:ما فعل الناس؟فقلت:فتح الله عليهم . قال:الحمدُ لله . ومات ، هكذا في هذه الرواية، والصحيح أن النعمان قتل بنهاوند وافتتح أبو موسى قم وقاشان .
ذكر ولاية المغيرة بن شعبة على الكوفة
وفيها ولى عمر عمار بن ياسر على الكوفة، وابن مسعود على بيت المال ،وعثمان ذي النورين على مساحة الأرض فشكا أهلُ الكوفة عَماراً فاستعفى عمارٌ عمرَ بن الخطاب فولَّى عمر جبير بن مطعّم الكوفة وقال له:" لا تذكره لأحد" فسمع المغيرة بن شعبة أنّ عمر خلا بجبير فأرسل امرأته إلى امرأة جبير بن مطعم لتعرض عليها طعام السفر ففعلت فقالت:نِعْم ما حببتني به . فلما علم المغيرة جاء إلى عمر فقال له:بارك الله لك فسِمن وليت (1) وأخبره الخبر فعزله ، وولى المغيرة بن شعبة الكوفة فلم يزل عليها حتى مات عمر. وقيل:إنّ عماراً عزل سنة اثنتين وعشرين وولى بعده أبو موسى ، وسيرد ذكره إن شاء الله تعالى .
ذكر عدة حوادث
قيل:وفيها بعث عمرو بن العاص عقبة بن نافع الفهري فافتتح زوِيلة (2) صلحاً وما بين بَرْقَة، وزويلة سلم للمسلمين ، وقيل:سنة عشرين .
وكان الأمراء في هذه السنة عمير بن سعد على دمشق ، وحوران ، وحمص،وقنسرين ، والجزيرة ، ومعاوية على البلقاء ، والأردن ، وفلسطين والسواحل . وانطاكية، وقلقية، ومعرة مصرين وعند دلك صالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة على قلقية ، وانطاكية ، ومعرة مصرين . وفيها ولد الحسن البصري (1) ، وعامر الشَّعبِي (2) . وحج بالناس عمر بن الخطاب واستخلف على المدينة زيد بن ثابت ، وكان عامله على مكة، والطائف ، واليمن ، واليمامة، ومصر، والبصرة من كان قبل ذلك . وكان على الكوفة عمار بن ياسر، وشريح على القضاء. وفيها بعث عثمان بن أبي العاص بعثاً إلى ساحل فارس فحاربوهم ومعهم الجارود العبدي ،فقتل الجارود بعقبة تعرف بعقبة الجارود، وقيل بل قتل بنهاوند مع النعمان . وفيها مات حممة وهو من الصحابة (3) بأصبهان بعد فتحها، والعلاء بن الحضرمي (4) وهو على البحرين فاستعمل عمر مكانه أبا هريرة . وفيها مات خالد بن الوليد بحمص (5) وأوصى إلى عمر بن الخطاب ، وقيل:مات سنة ثلاث وعشرين ، وقيل:مات بالمدينة والأول أصح
ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين
ذكر فتح هَمَذَان ثانياً
في هذه السنة افتتحت أذَرْبيْجَان ، وقيل . سنة ثمان عشرة بعد فتح همذان ،والري ، وجرجان ، فنبدأ بذكر فتح هذه البلاد ثم نذكر أذربيجان بعدها .
قد تقدم مسير نعيم بن مقرن إلى همذان وفتحها على يده ويد القعقاع بن عمرو،فلما رجعا عنها كفر أهلَهَا مع خسروشنوم فلما قدم عهد نعيم من عند عمر وَدَّع حذيفة وسار يريد همذان ، وعاد حذيفة إلى الكوفة فخرج نعيم بن مقرن على تعبية إلى همذان فاستولى على بلادها جميعاً وحاصرها، فلما رأى أهلها ذلك سألوا الصلح ففعل وقبل منهم الجزية، وقد قيل:ان فتحها كان سنة أربع وعشرين بعد مقتل عمر بستة أشهر. فبينما نعيم بهمذان في إثني عشر ألفاً من الجند كاتب الديلم ، وأهل الري أذربيجان إذ خرج موتا في الديلم حتى نزل بواج روذ، وأقبل الزينبي أبو الفرخان في أهل الري ، وأقبل اسفنديار أخو رستم في أهل أذربيجان فاجتمعوا وتحضن منهم أمراء المسالح وبعثوا إلى نعيم بالخبر فاستخلف يزيد بن قيس الهمداني وخرج إليهم فاقتتلوا بواج روذ قتالاً شديداً وكانت وقعة عظيمة تعدل نهاوند فانهزم الفرس هزيمة قبيحة وقتل منهم مقتلة كبيرة لا يُحْصَوْن فأرسلوا إلى عمر مبشراً فأمر عمر نعيماً بقصد الري وقتال من بها والمقام بها بعد فتحها.
وقيل:إن المغيرة بن شعبة وهو عامل على الكوفة أرسل جرير بن عبد الله إلى همذان فقاتله أهلها وأصيبت عينه بسهم . فقال:" احتسبتها عند الله الذي زينَ بها وجهي وَنَوَر لي ما شاء ثم سلبنيها في سبيله" ثم فتحها على مِثْل صلح نهاوند وغلب على أرضها قسراً، وقيل . كان فتحها على يد المغيرة بنفسه وكان جرير على مقدمته ، وقيل:فتحها قرظة بن كعب الأنصاري .
ذكر فتح قَزْوِيْن (1) وزَنْجَان (2)
لما سيّر المغيرة جريراً إلى همذان ففتحها ستر البراء بن عازب في جيش إلى قزوين وأمره أنْ يسير إليها فإنْ فتحها غزا الديلم منها وإنما كان مغزاهم قبل من دستبي ، فسار البراء حتى أتى أبهر- وهو حصن - فقاتلوه ثم طلبوا الأمان فأمّنهم وصالحهم ، ثم غزا قزوين ، فلما بلغ أهلها الخبر أرسلوا إِلى الديلم يطلبون النصرة فوعدوهم ، ووصل المسلمون إليهم فخرجوا لقتالهم والديلم وُقُوف على الجبل لا يمدون يداً، فلما رأى أهلُ قزوين ذلك طلبوا الصلح على صلح أبهر، وقال بعض المسلمين : قد علم الديلم إذْ تحارب حين أتن في جيشه ابن عازب
بأن ظن المشركين كاذب فكم قطعنا في دجى الغياهب من جبل وعر ومن سباسب
وغزا البراء الديلم حتى أدُّوا إليه الاتاوة، وغزا جيلان ، والطيلسان وفتح زنجان عنوة ،ولما ولي الوليد بن عقبة الكوفة غزا الديلم ، وجيلان ، وموقان ،والبير، والطيلسان ثم انصرف .
ذكر فتح الرَّيّ (3)
ثم انصرف نعيم من بواج روذ حتى قدم الري وخرج الزينبي أبو الفرخان من الرقي فلقي نعيماً طالباً الصلح ومسالماً له ومخالفاً لملك الريّ وهو سياوخش بن مرهان بن بهرامٍ جوبين ، فاستمد سياوخش أهل دُنْباوند ، وطبرستان ، وقومس ، وجرجان فأمدوه خوفا من المسلمين فالتقوا مع المسلمين في سفح جبل الري إلى جنب مدينتها فاقتتلوا به ، وكان الزينبي قال لنعيم:إن القوم كثير وأنت في قلة فابعث معي خيلاً أدخل بهم مدينتهم من مدخل لا يشعرون به وناهدهم أنت فإنهم إذا خرجنا عليهم لم يثبتوا لك فبعث معه نعيم خيلاً من الليل عليهم ابن أخيه المنذر بن عمرو فأدخلهم الزينبي المدينة ولا يشعر القوم وبَيتهم نعيم بياتاً فشغلهم عن مدينتهم فاقتتلوا وصبروا له حتى سمعوا التكبير مِنْ ورائهم فانهزموا فقتلوا مقتلة عدواً بالقصب فيها وأفاء الله على المسلمين بالري نحواً من في المدائن وصالحه الزينبي على الري ومرزبه عليهم نعيم (1)فلم يزل شرف الري في أهل الزينبي ، الأكبر ومنهم شهرام ،وفرخام ، وسقط آل بهرام ، وأخرب نعيم مدينتهم وهي التي يقال لها "العتيقة"، وأمر الزينبي فبنى مدينة الري الحدثي ، وكتب نعيم الى عمر بالفتح وانفذ الأخماس وكان البشير المضارب العجلي وراسله المصمغان في . الصلح على شيء يفتدي به منه على دنباوند فأجابه إلى ذلك. وقد قيل:إن فتح الري كان على يد قرظة بن كعب ، وقيل:كان فتحها سنة إحدى وعشرين ، وقيل غير ذلك والله أعلم .
ذكر فتح قُوْمِس (2) وجُرْجَان (3) وطَبَرِسْتَان (4)
لما أرسل نعيم إلى عمر بالبِشارة وأخماس الري كتب إليه عمر يأمره بإرسال أخيه سويد بن مقرن ومعه هند بن عمرو الجملي وغيره إلى قُوْمِس ، فسار سويد نحو قومس فلم يقم له أحد فأخذها سِلْماً وعسكر بها وكاتبه الذين لجأوا إلى طبرستان منهم والذين أخذوا المفاوز فأجابهم إلى الصلح والجزية ، وكتب لهم بذلك ، ثم سار سويد إلى جُرْجَان فعسكر بها ببسطام ، وكتب إلى ملك جرجان وهو زرنان صول (5) وكاتبه زرنان صول وصالحه على جرجان على الجزية وكفاية حرب جرجان وأن يعينه سويد إنْ غلب ، فأجابه سويد إلى ذلك ، وتلقّاه زرنان صول قبل دخوله جرفي ن فدخل معه وعسكر بها حتى جبى الخراج وسمى فروجها فسدها بترك دهستان . ورفع الجزية عمن قام بمنعها وأخذها من الباقين . وقيل:كان فتحها سنة ثمان عشرة، وقيل:سنة ثلاثين زمن عثمان . قيل:وراسل الأصبهبد صاحب طبرستان سويداً في الصلح (1) على أنْ يتوادعا وبجعل له شيئاً على غير نصر ولا معونة على أحدٍ فقبل ذلك منه وكتب له كتاباً.
ذكر فتح طرابلس الغرب وبَرْقة
في هذه السنة سار عمرو بن العاص من مصر الى برقة فصالحه أهلها على الجزية وأنْ يبيعوا من أبنائهم مَنْ أرادوا بيعه ، فلما فرغ من برقة سار إلى طرابلس الغرب فحاصرها شهراً فلم يظفر بها، وكان قد نزل شرقيها فخرج رجل من بني مدلج يتصيد في سبعة نفر وسلكوا غربِ المدينة فلما رجعوا أشتد عليهم الحر فأخذوا على جانب البحر ولم يكن السور متصلَا بالبحر وكانت سفن الروم في مرسماها مقابل بيوتهم فرأى المدلجي وأصحابه مسلكاً بين البحر والبلد فدخلوا منه وكبَّرُوا فلم يكن للروم ملجأ إلا سفنهم لأنهم ظنوا أنّ المسلمين قد دخلوا البلد، ونظر عمرو ومن معه فرأي السيوف في المدينة وسمعوا الصياح فأقبل بجيشه حتى دخل عليهم البلد فلم يفلت الروم إلا بما خَف معهم في مراكبهم وكان أهل حصن سبرة قد تحصنوا لما نزل عمر وعلى طرابلس فلما امتنعوا عليه بطرابلس أمِنُوا واطمأنوا فلما فتحت طرابلس جَنّد عَمْرو عسكراً كثيفاً، وسيَّره إلى سبرة فصبحوها، وقد فتح أهلها الباب وأخرجوا مواشيهم لتسرح لأنهم لم يكن بلغهم خبر طرابلس فوقع المسلمون عليهم ودخلوا البلد مكابرة وغنموا ما فيه وعادوا إلى عَمْرو، ثم سار عمرو بن العاص إلى برقة وبها لواتة وهم من البربر.
وكان سبب مسير البربر إليهَا وإلى غيرها من الغرب أنهم كانوا بنواحي فلسطين من الشام وكان ملكهم جالوت ، فلما قتل سارت البرابر وطلبوا الغرب حتى إذا انتهوا إلى لوبية، ومرافية وهما كورتان من كور مصر الغربية تفرقوا فسارتْ زناتة، ومغيلة وهما قبيلتان من البربر إلى الغرب فسكنوا الجبال وسَكنتْ لواتة أرض برقة وتعرف قديماً بأنطابلس وانتشروا فيها حتى بلغوا السوس ، ونزلت هوارة مدينة لبدة . ونزلت نفوسة إلى مدينة سبرة وجلا من كان بها من الروم لذلك وقام الأفارق - وهم خدم الروم - على صلح يؤدونه إلى مَنْ غلب على بلادهم ، وسار عمرو بن العاص كما ذكرنا فصالحه أهلها على ثلاثة عشر ألف دينار يؤدونها جزية وشرطوا أنْ يبيعوا مَنْ أرادوا من أولادهم في جزيتهم .
ذكر فتح أذَرْبِيْجان
قال:فلما أفتتح نعيم الري بعث سماك بن خرشة الأنصارِيّ -وليس بأبي دُجَانة - ممداً لبكير بن عبد الله بأذربيجان أمره عمر بذلك فسار سماك نحو بكير وكان بكير حين بعث إليها سار حتى إذا طلع بجبال جرميذان طلع عليهم اسفنديار(1) بن فرخزاذ مهزوماً من بواج روذ، فكان أول قتال لقيه بأذربيجان فاقتتلوا فهزم الفرس وأخذ بكير اسفنديار اسيراً فقال له اسفنديار:الصلح أحب إليك أم الحرب؟قال:بل الصلح قال:امسكني عندك فإن أهل أذربيجان إِنْ لم أصالح عليهم أو أجيء إِليهم لم يقوموا لك وجلوا إلى الجبال التي حولها من القبج والروم ومن كان على التحصن تحصن إلى يوم ما . فأمسكه عنده وصارت البلاد إليه إلا ما كان من حصن . وقدم عليه سماك بن خرشة ممداً واسنفديار في أساره وقد افتتح ما يليه ؛ وافتتح عتبة بن فرقد ما يليه ، وكتب بكير الى عمر يستأذنه في التقدم فأذن له أن يتقدم نحو الباب ، وأنْ يستخلف على ما افتتحه ، فاستخلف عليه عتبة بن فرقد فأقر عتبة سماك بن خرشة على عمل بكير الذي كان افتتحه وجمع عمر أذربيجان كلها لعتبة بن فرقد وكان بهرام بن فرخزاذ قصد طريق عتبة وأقام به في عسكره حتى قَدِم عليه عتبة فاقتتلوا فانهزم بهرام فلما بلغ خبره اسنفديار وهو في الأسر عند بكير قال:الآن تمّ الصلح وطُفِئَت الحرب . فصالحه وأجاب إلى ذلك أهل أذربيجان كلهم وعادت أذربيجان سلماً وكتب بذلك بكير، وعتبة إلى عُمر وبعثا بما خَمّسا. ولما جمع عمر لعتبة عمل بكير كتب لأهل أذربيجان كتاباً بالصلح. وفيها قدم عتبة على عمر بالخبيص الذي كان أهدى له وكان عمر يأخذ عماله بموافاة الموسم كل سنة يمنعهم بذلك عن الظلم .

ذكر فتح الباب (1)
في هذه السنة كان فتح الباب ، وكان عمر رَد أبا موسى إلى البصرة وبعث سراقة بن عمرو وكان يُدْعن ذا النور إلى الباب ، وجعل على مقدمته عبد الرحمن بن ربيعة وكان أيضاً يدعى ذا النور، وجعل على إحدى مجنبتيه حذيفة بن أسيد الغفاري ، وعلى الأخري بكير بن عبد الله الليثي ، وكان بكير سبقه إلى الباب ، وجعل على المقاسم سلمان بن ربعية الباهلي فسار سراقة، فلما خرج من أذربيجان قدم بكير إلى الباب وكان عمر قد أمد سراقة بحبيب بن مسلمة من الجزيرة وجعل مكانه زياد بن حنظلة. ولما أطل عبد الرحمن بن ربيعة على الباب والملك بها يومئذ شهريار(2)وهو من ولد شهريار الذي أفسد بني اسرائيل وأغزى الشام بهم (3) فكاتبه شهريار وأستأمنه على أنْ يأتيه ، ففعل فأتاه فقال:إني بإزاء عدو كلب وأمم مختلفة ليست لهم أحساب ، ولا ينبغي لذي الحَسَب والعقل أنْ يعينهم على ذي الحسب ، ولستُ من القبج ولا الأرمن في شيء ، وإنكم قد غلبتم على بلادي وأمتي فأنا اليوم منكم ويدي مع أيديكم وجزيتي إليكم والنصرُ لكم والقيامُ بما تحبُّون فلا تسوموننا الجزية فتوهنونا بعدوكم . قال:فسيّره عبد الرحمن إلى سراقة فلقيه بمثل ذلك فقبل منه سراقة ذلك وقال:لا بد من الجزية ممن يقيم ولا يحارب العدو. فأجابه إلى ذلك ، وكتب سراقة في ذلك إلى عمر فأجازه عمر واستحسنه .
ذكر فتح مُوْقَان (4)
لما فرغ سراقة من الباب أرسل بكير بن عبد الله ، وحبيب بن مسلمة، وحذيفة بن أسِيْد، وسلمان بن ربيعة إلى أهل تلك الجبال المحيطة بأرمينية فوجه بكيراً إلى موقان ، وحبيباً إلى تفليس ، وحذيفة إلى جبال اللان ، وسلمان إلى الوجه الآخر. وكتب سراقة بالفتح إلى عمر وبإرسال هؤلاء النفر إلى الجهات المذكورة فأتن عمر أمر لم يظن أن يستتم له بغير مؤنة لأنه فرج عظيم ، وجند عظيم ، فلما استوثقوا واستحلوا الإسلام وعدله مات سراقة . واستخلف عبد الرحمن بن ربيعة ولم يفتتح أحدٌ من أولئك القواد إِلا بكير فإنه فض أهل موقان ثم تراجعوا على الجزية عن كل حالم دينار، وكان فتحها سنة إحدى وعشرين ، ولما بلغ عمر موت سراقة واستخلافه عبد الرحمن بن ربيعة أقرّ عبد الرحمن على فرج الباب وأمره بغزو الترك .
ذكر غزو الترك
لَمّا أمر عمر عبد الرحمن بن ربيعة بغزو الترك خرج بالناس حتى قطع الباب فقال له شهريار: ما تريد أنْ تصنع؟قال:أريد غزو بلنجر والترك . قال:إنا لنرضى منهم أنْ يدعونا من دون الباب . قال عبد الرحمن:لكنا لا نرضى منهم بذلك حتى نغزوهم في ديارهم وبالله إن معنا أقواماً لو يأذن لهم أميرنا في الإمعان لبلغت بهم الروم (1)، قال:وما هم؟قال:أقوام صَحِبُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلوا في هذا الأمر بِنية كانوا أصحاب حياء وتكرم في الجاهلية فازداد حياؤهم وتكرمهم ولا يزال هذا الأمر لهم دائماً ولا يزال النصر معهم حتى يغيرهم من يغلبهم وحتى يلفتوا عن حالهم . فنزا بلنجر(2)غزاة في زمن عمر فقالوا: ما اجترأ علينا إلّا ومعه الملائكة تمنعهم من الموت . فهربوا منه وتحصنوا، فرجع بالغنيمة والظفر وقد بلغت خيله البيضاء على رأس مائتي فرسخ من بلنجر، وعادوا ولم يقتل منهم أحد .
ثم غزاهم أيام عثمان بن عفان غزوات فظفركما كان يظفر حتى تبدل أهل الكوفة لاستعمال عثمان مَنْ كان ارتد استصلاحاً لهم ولم يصلحهم ذلك فزادهم فساداً، فغزا عبد الرحمن بن ربيعة بعد ذلك فتذامرت الترك واجتمعوا في الغياض فرمن رجلٌ منهم رجلاً من المسلمين على غِرَّة فقتله ، وهرب عنه أصحابه ، فخرجوا عليه عند ذلك فاقتتلوا واشتد قتالهم ، ونادي منادٍ من الجو:" صَبْراً آل عبد الرحمن وموعدكم الجنة لما . فقاتل عبد الرحمن حتى قُتل وانكشف أصحابه ، وأخذ الراية سلمان بن ربيعة أخوه فقاتل بها، ونادي مناد من الجو: "صبراً آل سلمان ، . فقال سلمان:أو ترى جزعاً! وخرج سلمان بالناس معه أبو هريرة الدوسي على جيلان فقطعوها إلى جرجان ، واجترأ الترك بعدها ولم يمنعهم ذلك من اتخاذ جسد عبد الرحمن ففم يستسقون به !لن الآن .
ذكر تعديل الفتوح بين أهل الكوفة والبصرة
في هذه السنة عدل عمر فتوح أهل الكوفة والبصرة بينهم ، وسبب ذلك أن عمر بن سراقة كتب إلى عمر بن الخطاب يذكر له كثرة أهل البصرة وعجز خراجهم عنهم وسأله أن يزيدهم أحد الماهين أو ماسبذان ، وبلغ أهل الكوفة ذلك وقالوا لعمار بن ياسر- وكان على الكوفة أميراً سنة وبعض أخرى:اكتب إلى عمر أنّ رامهرمز وأيذج لنا دونهم لم يعينونا عليهما بشيء ولم يلحقونا حتى افتتحناهما. فلم يفعل عمار فقال له عطارد: أيها العبد الأجدع فعلام نَاَغ فيئنا؟ فقال:لقد سببتَ أحبَّ أذني إلي . ولم يكتب في ذلك فأبغضوه لذلك ، واختصم أهل الكوفة، وأهل البصرة وادعى أهل البصرة قرى افتتحها أبو موسى دون أصبهان أيام أمدّ به عمر بن الخطاب أهل الكوفة فقال لهم أهل الكوفة:أتيتمونا مدداً وقد افتتحنا البلاد فأنشبناكم في المغانم ، والذمة ذمتنا والأرض أرضنا .
فقال عمر:صدقوا . فقال أهل الأيام والقادسية ممن سكن البصرة:فلتعطونا نصيبنا مما نحن شركاؤكم فيه من سوادهم وحواشيهم . فأعطاهم عمر مائة دينار برضا أهل الكوفة أخذها من شهد الأيام والقادسية، ولَمَّا ولي معاوية وكان هو الذي جنّد قنسرين ممن أتاه من أهل العراقين أيام علي ، وإنما كان قنسرين رستاقاً من رساتيق حمص حتى حصرها معاوية فوجدها بمن ترك الكوفة والبصرة ذلك الزمان فأخذ لهم معاوية حين ولي بنصيبهم من فتوح العراق ، واذربيجان ، والموصل ، والباب لأنه من فتوح أهل الكوفة . وكان أهل الجزيرة والموصل يومئذ نافلة انتقل إليها كل من نزل بهجرته من أهل البلدين أيام عليّ فأعطاهم معاوية من ذلك نصيباً ، وكفر أهل أرمينية أيام معاوية وقد أمّر حبيب بن مسلمة على الباب وحبيب يومئذ بجرزان ، وكاتب أهل تفليس وتلك الجبال من جرزان فاستجابوا له .
ذكر عزل عمار بن ياسر عن الكوفة وولاية أبي موسى والمغيرة بن شعبة
وفيها عزل عمر بن الخطاب عمار بن ياسر عن الكوفة واستعمل أبا موسى . وسبب ذلك أن أهل الكوفة شكوه وقالوا له:إِنه لا يحتمل ما هو فيه وإنه ليس بأمين ، ونزا به أهل الكوفة . فدعاه عمر فخرج معه وَفْد فكانوا أشد عليه ممن تخلّف عنه وقالوا:إنه غير كاف وعالم بالسياسة ولا يدري على ما استعملته ، وكان منهم سعد بن مسعود الثقفي عم المختار، وجرير بن عبدالله فسعيا به وأخبرا عمر بأشياء يكرهها فعزله عمر وقال عمر لعمار: أساءَكَ العزلُ؟قال:والله ما سَرَّني حين استعملت ولقد ساءني حين عزلت . فقال له:قد علمت ما أنت بصاحب عمل ولكني تأولتُ (وَنُرِيدُ أنْ نَمُنَّ عَلَى الذيْنَ اسْتُضْعِفُوا في الأرْضِ وَنَجْعَلَهُم أئِمَّةً وَنَجْعَلَهُم الوَارِثِيْن)(1).
ثم أقبل عمر على أهل الكوفة فقال:من تريدون؟قالوا:أبا موسى . فأمره عليهم بعد عمار فأقام عليهم سنَة فباع غلامه العلف فشكاه الوليد بن عبد شمس وجماعة معه وقالوا:إنّ غلامه يتجر في جسرنا(2) فعزله عنهم وصرفه إلى البصرة، وصرف عمر بن سراقة إلى الجزيرة، وخلا عمر في ناحية المسجد فنام فأتاه المغيرة بن شعبة فحرسه حتى استيقظ فقال:ما فعلتُ هذا يا بأمير المؤمنين إلٌا من عظيم . فقال:وأي شيء أعظم من مائة ألف لا يرضون عن أمير؟ ولا يرضى عنهم أمير. وأحيطت الكوفة حين اختطت على مائة ألف مقاتل ، وأتاه أصحابه فقالوا:ما شأنك؟فقان :. إنّ أهل الكوفة قد عضلوني . واستشارهم فيمن يوليه ، وقال ما تقولون في تولية رجل ضعيف مسلم أو رجل قوي مسدد؟ فقال المغيرة:أما الضعيف المسلم فإنّ إسلامه لنفسه وضعفه عليك وعلى المسلمين، وأما القوي المسدد فإن سداده لنفسه وقوته لك و للمسلمين . فوكَ المغيرة الكوفة فبقي عليها حتى مات عمر وذلك نحو سنتين وزيادة، وقال له حين بعثه:" يا مغيرة ليأمنك الأبرار وليَخَفْكَ الفجار" ثم أراد عمر أن يبعث سعداً على عمل المغيرة فقتل عمر قبل ذلك فأوصى به .

ذكر فتح خُرَاسان
وفي هذه السنة غزا الأحنف بن قيس خراسان في قول بعضهم ، وقيل:.سنة ثمان عشرة . وسبب ذلك أنّ يزدجرد لمّا سار إلى الري بعد هزيمة أهل جلولاء وأنتهى إليها وعليها أبان جاذويه وثب عليه فأخذه فقال يزدجرد:يا أبان تغدر بي؟قال:لا، ولكن قد تركتَ ملكك فصار في يد غيرك فأحببتُ أن أكتتب على ما كان لي من شيء . وأخذ خاتم يزدجرد واكتتب الصكاك وسجل السجلات بكل ما أعجبه ، ثم ختم عليها وردَ الخاتم ، ثم أتى بعد سعداً فرد عليه كل شيء في كتابه .
وسار يزدجرد من الرقي إلى أصبهان ، ثم منها إلى كرمان والنار معه ، ثم قصد خراسان فأتن مرو فنزلها وبنى للنار بيتاً واطمأن وأمن مِنْ أن يؤتى ودان له من بقي من الأعاجم ، وكاتب الهرمزان ، وأثار أهل فارس فنكثوا ، وأثار أهل الجبال والفيرزان فنكثوا فأذِن عمر للمسلمين فدخلوا بلاد الفرس ، فسار الأحنف إلى خراسان فدخلها من الطَبَسين (1) فافتتح"هراة "(2) عنوة واستخلف عليها صحار بن فلان العبدري ، ثم سار نحو مرو الشاهجان فأرسل إلى نيسابور مطرف بن عبد الله بن الشخير وإلى سرخس الحارث بن حسان ، فلما دنا الأحنف من مرو الشاهجان خرج منها يزدجرد إلى مرو الروذ حتى نزلها ، ونزل الأحنف مرو الشاهجان وكتب يزدجرد - وهو بمرو الروذ - إلى خاقان ، وإلى ملك الصغد، وإلى ملك الصين يستمدهم . وخرج الأحنف من مرو الشاهجان واستخلف عليها حارثة بن النعمان الباهلي بعد ما لحقت به أمداد أهل الكوفة على أربعة أمراء:علقمة بن النضر النضري ، وربعي بن عامر التميمي ، وعبد الله بن أبي عقيل الثقفي ، وابن أم غزال الهمداني وسار نحو مرو الروذ فلما سمع يزدجرد سار عنها إلى بلخ ونزل الأحنف مرو الروذ، وقدم أهل الكوفة إلى يزدجرد واتبعهم الأحنف فالتقى أهل الكوفة ويزدجرد ببلخ فانهزم يزدجرد في أهل فارس وعبر النهر ولحق الأحنف بأهل الكوفة، وقد فتح الله عليهم ، فبلخ من فتوحهم ، وتتابع أهل خراسان من هرب وشذ على الصلح فيما بين نيسابور إلى طخارستان ممن كان في مملكة كسري، وعاد الأحنف إلى مرو الروذ فنزلها واستخلف على طخارستان ربعيّ بن عامر وكتب الأحنف إلى عمر بالفتحٍ ، فقال عمر:وددتُ أني لم أكن بعثتُ إليها جنداً ، ولوددت أن بيننا وبينها بحرا من نار. فقال علي:ولم يا أمير المؤمنين؟قال:لأن أهلها سينقضون منها ثلاث مرات فيجتاحون في الثالثة فكان ذلك بأهلها أحب إلي من أن يكون بالمسلمين ، وكتب عمر إلى الأحنف أنْ يقتصر على ما دون النهر ولا يجوزه .
ولما عبر يزدجرد النهر مهزوماً أنجده خاقان في الترك وأهل فرغانة والصغد فرجع يزدجرد وخاقان إلى خراسان فنزلا بلخ ورجع م هل الكوفة إلى الأحنف بمرو الروذ ، ونزل المشركون عليه بمرو أيضاً، وكان الأحنف لمّا بلغه خبر عبور يزدجرد وخاقان النهر إليه خرج ليلًا يتسمع هل يسمع برأي ينتفع به ، فمرّ برجلين ينقيان علفاً وأحدهما يقول لصاحبه:لو أسندنا الأمير إلى هذا الجبل فكان النهر بيننا وبين عدونا خندقاً، وكان الجبل في ظهورنا فلا يأتونا من خلفنا وكان قتالنا من وجه واحد رجوت أن ينصرنا الله . فرجع ، فلما أصبح جمع الناس ورحل بهم إلى سفح الجبل وكان معه من أهل البصرة عشرة آلاف ومِنْ أهل الكوفة نحو منهم وأقبلت الترك ومن معها فنزلت وجعلوا يغادونهم القتال ويراوحونهم وفي الليل يتنحون عنهم ، فخرج الأحنف ليلة . طليعة لأصحابه حتى إذا كان قريباً من عسكر خاقان وقف ، فلما كان وجه الصبح خرج فارس من الترك بطوقه فضرب بطبله ثم وقف من العسكر موقفاً يقفه مثله فحمل عليه الأحنف فتقاتلا فطعنه الأحنف فقتله وأخذ طوق التركي ووقف ، فخرج اخر من الترك ففعل فعل صاحبه فحمل عليه الأحنف فتقاتلا فطعنه فقتله . وأخذ طوقه ووقف ، ثم خرج الثالث من الترك ففعل فعل الرجلين فحمل عليه الأحنف فقتله ، ثم انصرف الأحنف إلى عسكره ، وكانت عادة الترك أنهم لا يخرجون حتى يخرج ثلاثة من فرسانهم أكفاء كلهم يضرب بطبله ثم يخرجون بعد خروج الثالث فلما خرجوا تلك الليلة بعد الثالث فأتوا على فرسانهم مقتلين تشاءم خاقان وتطير فقال:" قد طال مقامنا وقد أصيب فرساننا مالنا في قتال هؤلاء القوم خير" فرجعوا وارتفع النهار للمسلمين ولم يروا منهم أحداً وأتاهم الخبر بانصراف خاقان والترك إلى بلخ وقد كان يزدجرد ترك خاقان مقابل المسلمين بمرو الروذ وانصرف إِلى مرو الشاهجان فتحضن حارثة بن النعمان ومن معه فحصرهم واستخرج خزائنه من موضعها وخاقان مقيم ببلخ فقال المسلمون للاحنف:ما ترى في اتباعهم؟فقال:أقيموا بمكانكم ودعوهم .
فلما جمع يزدجرد خزائنه وكانت كبيرة عظيمة وأراد أن يلحق بخاقان قال له أهل فارس:أي شيء تريد أن تصنع؟قال:أريد اللحاق بخاقان فأكون معه أو بالصين . قالوا له:مهلًا إنّ هذا رأي سوء إِنك إنما تأتي قوماً في مملكتهم وتَدَع أرضك وقومك أرجع بنا إلى هؤلاء القوم فنصالحهم فإنهم أوفياء هم أهل دين وإنّ عدواً يلينا في بلادنا أحب إلينا مملكة من عدو يه لينا في بلاده ولا دين لهم ولا ندري ما وفاؤهم . فأبن عليهم وأبوا عليه فقالوا:دع خزائننا نردها إلى بلادنا ومَنْ يلينا لا تخرجها من بلادنا . فأبى فاعتزلوه وقاتلوه فهزموه وأخذوا الخزائن واستولوا عليها وانهزم منهم ، ولحق بخاقان ، وعبر النهر من بلخ إلى فرغانة ، وأقام يزدجرد ببلد الترك فلم يزل مقيما زمن عمر كله إلى أنْ كفر أهل خراسان زمن عثمان وكان يكاتبهم .ويكاتبونه وسيرد ذكر ذلك في موضعه . ثم أقبل أهل فارس بعد رحيل يزدجرد على الأحنف فصالحوه وعاقدوه ودفعوا إليه تلك الخزائن والأموال وتراجعوا إلى بلدانهم وأموالهم على أفضل ما كانوا عليه زمن الأكاسرة، واغتبطوا بملك المسلمين ، وأصاب الفارس يوم يزدجرد كسهمه يوم القادسية ، وسار الأحنف إلى بلخ فنزلها بعد عبور خاقان النهر منها ونزل أهل الكوفة في كورها الأربع ، ثم رجع إلى مرو الروذ فنزلها وكتب بفتح خاقان ويزدجرد إلى عمر. وبعث إليه الأخماس ووفد إليه الوفود ولما عبر خاقان ويزدجرد النهر لقوا رسول يزدجرد الذي أرسله إلى ملك الصين فأخبرهما أن ملك الصين قال له:صف لي هؤلاء القوم الذين أخرجوكم من بلادكم فإنّي أراك تذكر قلة منهم وكثرة منكم ولا يبلغ أمثال هؤلاء القليل منكم مع كثرتكم إلّا بخير عندهم وشرفيكم . فقلت:سلني عما أحببت؟فقال:أيوفون بالعهد؟ قلت نعم . قال:وما يقولون لكم قبل القتال؟قال:قلت يدعوننا إلى واحدة من ثلاث إما دينهم فإنْ أجبنا أجرونا مجراهم ، أو الجزية والمنعة ، أو المنابذة . قال:فكيف طاعتهم أمراءهم؟قلت:أطوع قوم وأرشدهم . قال:فما يحلون وما يحرمون؟فأخبرته . قال:هل يحلون ما حرم عليهم أو يحرمون ما حلل لهم؟قلت:لا . قال:فإنّ هؤلاء القوم لا يزالون على ظفر حتى يحلوا حرامهم أو يحرموا حلالهم .
ثم قال:أخبرني عن لباسهم؟فأخبرته ، وعن مطاياهم؟فقلت:الخيل العراب ووصفتها له فقال:نعمت الحصون . ووصفْتُ له الأبل وبروكها وقيامها بحملها فقال:هذه صفة دواب طوال الأعناق ، وكتب معه إلى يزدجرد:إنه لم يمنعني أنْ أبعث إليك بجندٍ أوله بمرو وآخره بالصين الجهالة بما يحق على ولكن هؤلاء القوم الذين وصف لي رسولك لو يحاولون الجبال لهدوها ولو خلالهم سربهم أزالوني ما داموا على وصف ، فسالِمهم وارضَ منهم بالمسالمة ولا تهيجهم ما لم يهيجوك . فأقام يزدجرد بفرغانة ومعه آل كسرى بعهد من خاقان . ولما وصل خبر الفتح إلى عمر بن الخطاب جمع الناس وخطبهم وقرأ عليهم كتاب الفتح وحمد الله في خطبته على إنجاز وعده ثم قال:ألا وإن مُلْك المجوسية قد هلك فليسوا يملكون من بلادهم شبراً يضر بمسلم . ألا ط نّ الله قد أورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأبناءهم لينظر كيف تعملون فلا تبدلوا فيستبدل الله بكم غيركم فإني لا أخاف على هذه الأمة أن تؤتى إلا من قبلكم .
وقيل:إن فتح خراسان كان زمن عثمان وسيرد هناك .
ذكر فتح شَهْرَزور(1) والصامغان (2)
لما استعمل عمر عزرة بن قيس على حلوان حاول فتح شَهْرَزُور فلم يقدر عليها فغزاها عتبة بن فرقد ففتحها بعد قتال على مثل صلح حلوان ، فكانت العقارب تصيب الرجل من المسلمين فيموت ، وصالح أهل الصامغان وداراباذ على الجزية والخراج وقتل خلقاً كثيراً من الأكراد، وكتب إلى عمر أنّ فتوحي قد بلغ أذربيجان فولاه إياها، وولى هرثمة بن عرفجة الموصل ، ولم يزل شهرزور وأعمالها مضمومة إلى الموصل حتى أفردت عنها اخر خلافة الرشيد .
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة غزا معاوية بلاد الروم ، ودخلها في عشرة آلاف فارس من المسلمين . وفيها ولد يزيد بن معاوية، وعبد الملك بن مروان ، وحج بالناس في هذه السنة عمر بن الخطاب وكان عماله على الأمصار فيها عماله في السنة قبلها إلا الكوفة فإنّ عامله كان عليها المغيرة بن شعبة، وإلا البصرة فإن عامله عليها صار أبا موسى الأشعري .
ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين
قال بعضهم:كان فتح اصطخر سنة ثلاث وعشرين . وقيل:كان فتحها بعد توج الآخرة .
ذكر الخبر عن فتح تَوَّج (1)
لما خرج أهل البصرة الذين توجهوا إلىِ فارس أمراء عليها وكان معها سارية بن زنيم الكناني فساروا وأهل فارس مجتمعون بتوج فلم يقصدهم المسلمون بل توجه كل أمير إلى الجهة التي أمر بها وبلغ ذلك أهل فارس فافترقوا إلى بلدانهم كما افترق المسلمون ليمنعوها فكانت تلك هزيمتهم وتشتت أمورهم . فقصد مجاشع بن مسعود لسابور واردشيرخره فيمن معه فالتقى هو والفرس بتَوج ، فاقتتلوا ما شاء الله ثم انهزم الفرس وقتلهم المسلمون كيف شاؤوا كل قتلة ،وغنموا ما في عسكرهم ، وحصروا توج فافتتحوها وقتلوا منهم خلقاً كثيراً وغنموا ما فيها وهذه توج الآخرة، والأولى هي التي استقدمتها جنود العلاء بن الحضرمي أيام طاوس ثم دعوا إلى الجزية فرجعوا وأقروا بها، وأرسل مجاشع بن مسعود السلمي بالبشارة . والأخماس إلى عمر بن الخطاب .
ذكر فتح إصْطَخْر وجور(2) وغيرهما
وقصد عثمان بن أبي العاص الثقفي لأصطخر فالتقى هو وأهل إصطخر بجور فاقتتلوا وانهزم الفرس وفتح المسلمون جور ثم إصطخر وقتلوا ما شاء الله، ثم فرّ منهم من فَر فدعاهم عثمان إلى الجزية والذمة ، فأجابه الهربذ إليها فتراجعوا ، وكان عثمان قد جمع الغنائم لما هزمهم فبعث بخمسها إلى عمر وقسّم الباقي في الناس . وفتح عثمان كازرون (1) والنوبندجان (2) وغلب على أرضها ، وفتح هو وأبو موسى مدينة شيراز(3) وأرجان (4) وفتحا سينيز(5) على الجزية والخراج ، وقصد ئ هان أيضاً جَنَّابَا (6) ففتحها ولقيه جمع الفرس بناحية جهرم (7)فهزمهم وفتحها. ثم إنّ شهرك خلع في آخر خلافة عمر وأول خلافة عثمان ، ونشط أهل فارس ودعاهم إلى النقض فوجّه إليه عثمان بن أبي العاص ثانية وأتته الأمداد من البصرة وأميرهم عبيد الله بن معمر، وشبل بن معبد فالتقوا بأرض فارس فقال شهرك لابنه وهما في المعركة وبينهما وبين قرية لهما تدعى شهرك ثلاثة فراسخ:يا بني أين يكون غداؤنا ها هنا أم بشهرك؟قال له:يا أبتِ إنْ تركونا فلا يكون غداؤنا ها هنا ولا بشهرك ولا نكون إلا في المنزل ولكن والله ما أراهم يتركوننا فما فرغا من كلامهما حتى شَعتَ المسلمون الحرب فاقتتلوا قتالاً شديداً وقتل شهرك وابنه وخلق عظيم ، والذي قتل شهرك الحكم بن أبي العاص أخو عثمان ، وقيل:قتله سوار بن همام العبدي حمل عليه فطعنه فقتله. وحمل ابن شهرك على سوار فقتله .
وقيل:إن اصطخر كانت سنة ثمان وعشرين وكانت فارس الآخرة سنة تسع وعشرين . وقيل:إنّ عثمان بن م بي العاص أرسل أخاه الحكم من البحرين في ألفين إلى فارس ففتح جزيرة بركاوان في طريقه ثم سار إلى توج ، وكان كسري أرسل شهرك فالتقوا مع شهرك وكان الجارود، وأبو صفرة على مجنبتي المسلمين ، وأبو صفرة هذا هو والد المهلب فحمل الفُرس على المسلمين فهزموهم فقال الجارود:أيها الأمير فرد الجند . فقال:ستري أمرك . فقال:فما لبثوا حتى رجعت خيل لهم ليس عليها فرسانها والمسلمون يتبعونهم يقتلونهم فنثرت الرؤوس بين يدي ومعي بعض ملوكهم يقال له المكعبر فارق كسرى ولحق بي فأتيت برأس ضخم فرأي المكعبر رأساً ضخماً فقال:أيها الأمير هذا رأس الازدهاق - يعني شهرك - وحوصر الفرس بمدينة سابور فصالح عليها ملكها ارزنبان (1) فاستعان به الحكم على قتال أهل إصطخر، ومات عمر وبعث عثمان بن عفان عبيد الله بن معمر مكانه فبلغ عبيد الله أن أرزنبان يريد الغدر به ، فقال له:أحبُّ أنْ تتخذ لأصحابي طعاماً وتذبح لهم بقرة وتجعل عظامها في الجفنة التي تليني فإنّي أحب أنْ أتمشش العظام ففعل وجعل يأخذ العظم الذي لا يكسر إلا بالفؤوس فيكسره بيده ، ويأخذ منه وكان من أشد الناس ، فقام ارزنبان فأخذ برجله وقال:هذا مقامُ العائذ بك وأعطاه عهداً، وأصابت عبيد الله ، منجنيق فأوصاهم . وقال:إنكمٍ ستفتحون هذه المدينة إنْ شاء الله فاقتلوهم بني ساعة فيها ففعلوا فقتلوا منهم بشراً كثيرا ومات عبيد الله بن معمر. وقيل:إنّ قتله كان سنة تسع وعشرين .
ذكر فتح فسا(2) ودار ابَجَرْد(3)
وقصد سارية بن زنيم الدئلي فسا، ودار ابجرد حتى انتهى إلى عسكرهم فنزل عليهم وحاصرهم ما شاء الله ثم إنهم استمدوا وتجمعوا وتجمعت إليهم أكراد فارس فدهم المسلمين أمرٌ عظيم ، وجمعٌ كثير، وأتاهم الفرس من كل جانب فرأي عمر فيما يرى النائم تلك الليلة معركتهم وعددهم في ساعة من النهار، فنادي من الغد الصلاة جامعة حتى إذا كان في الساعة التي رأي فيها ما رأي خرج إليهم ، وكان ابن زنيم والمسلمون بصحراء إنْ أقاموا فيها أحيط بهم وإنْ استندوا إلى جبل من خلفهم لم يؤتوا إلا من وجه واحد فقام فقال:" يا أيها الناس إنّي رأيتُ هذين الجمعين وأخبر بحالهما وصاح عمر وهو يخطب:يا سارية بن زنيم الجبل الجبل"
ثم أقبل عليهم وقال:إنّ لله جنوداً ولعل بعضها أنْ تبلغهم . فسمع سارية ومَنْ معه الصوت فلجأوا إلى الجبل ثم قاتلوهم من وجهٍ واحد فهزمهم الله وأصاب المسلمون مغانمهم ، وأصابوا في الغنائم سفطاً فيه جوهر فاستوهبه منهم سارية وبعث به وبالفتح مع رجل إلى عمر وكان الرسل والوفد يجازون وتمّض لهم حوائجهم . فقال له سارية : استقرض ما تبلغ به وما تخلفه لأهلك على جائزتك فقدم الرجل البصرة ففعل ، ثم خرج فقدم على عمر وهو يطعم الطعام فأمره فجلس وأكل، فلما انصرف عمر تبعه الرسول فظن عمر أنّه لم يشبع ، فأمره فدخل بيته فلما جلس أتِيَ عمر بغدائه خبز وزيت وملح جريش فأكلا، فلما فرغ قال الرجل:أنا رسول سارية يا أمير المؤمنين . قال:مرحباً وأهلاً ثم أدناه حتى مسّ ركبته وسأله عن المسلمين فأخبره بقصة الدرج ، فنظر إليه وصاح به ثم قال: لا ولا كرامة، حتى يقدم عليّ ذلك الجند فيقسمه بينهم فطرده . فقال:يا أمير المؤمنين إني قد انضيت جملي واستقرضت في جائزتي فأعطني ما أتبلّغ به . فما زال به حتى أبدله بعيراً من إبل الصدقة وجعل بعيره في إبل الصدقة، ورجيم الرسول مغضوباً عليه محروماً حتى قدم البصرة فنفذ لأمر عمر وسأل أهل المدينة الرسول:هل سمعوا شيئاً يوم الوقعة؟ قال:نعم سمعنا"يا سارية الجبل الجبل"وقد كدنا نهلك فلجأنا إليه ففتح الله علينا.
ذكر فتح كِرمَان
ثم قصد سُهَيْل بن عدي كرمان ، ولحقه أيضاً عبد الله بن عبد الله بن عتبان ،وعلى مقدمة سهيل بن عدي النسير بن عمرو العجلي وحشد لهم أهل كِرْمان واستعانوا عليهم بالقفْص (1) فاقتتلوا في أداني أرضهم ففض الله تعالى المشركين وأخذ المسلمون عليهم الطريق . وقتل النُسَيْر بن عمرو العجلي مرزبانها فدخل النسير من قبل طريق القرى اليوم إلى جِيْرَفْت وعبد الله بن عبد الله من مفازة شير فأصابوا ما أرادوا من بعير أو شاء فقوموا الإبل والغنم فتحاصوها بالأثمان لعِظَم البخت على العراب ، وكرهوا أنْ يزيدوا وكتبوا إلى عمر بذلك فأجابهم إذا رأيتم أنّ في البخت فضلاً فزيدوا ، وقيل:إن الذي فتح كرمان عبدالله بن بديل بن ورقاء الخزاعي في خلافة عمر ثم أتى الطبسين من كرمان ، ثم قدم على عمر فقال:أقطعني الطبسين فأراد أنْ يفعل فقيل:إنهما رستاقان ، فامتنع عمر من ذلك.
ذكر فتح سجِسْتَان (1)
وقصد عاصم بن عمرو سجستان ، ولحقه عبد الله بن عمير فاستقبلهم أهلها فالتقوا هم وأهل سجستان في أداني أرضهم فهزمهم المسلمون ثم اتبعوهم حتى حصروهم بزرنج ومخروا أرض سجستان ما شاؤوا ،ثم إنهم طلبوا الصلح على زرنج وما احتازوا من الأرضين فأعطوا وكانوا قد اشترطوا في صلحهم أنّ فدافدها حِمَى فكان المسلمون يتجنبونها خشية أنْ يصيبوا منها شيئاً فيخفر، وأقيم أهل سجستان على الخراج وكانت سجستان أعظم من خراسان وأبعد فروجاً يقاتلون القندهار، والترك ، وأمماً كثيرة وكانت فيما بين السند إلى نهر بلخ بحياله فلم يزل كذلك حتى كان زمن معاوية فهرب الشاه مِنْ أخيه رتبيل إلى بلد فيها يدعن آمُل ودان لسلم بن زياد وهو يومئذ على سجستان ففرح بذلك وعقد لهم وأنزلهم البلاد وكتب إلى معاوية بذلك يري أنّه فتح عليه ، فقال معاوية:إن ابن أخي ليفرح بإمارته ليحزنني وينبغي له أنْ يحزنه قال:ولمَ يا أمير المؤمنين؟قال:إنّ آمُل بلدة بينها وبين زرنج صعوبة وتضايق وهؤلاء قوم غدر فإذا أضطرب الجبل غدراً فأهون ما يجيء منهم أنهم يغلبون على بلاد آمل بأسرها وأقرهم على عهد سلم بن زياد. فلما وقعت الفتنة بعد معاوية كفر الشاه وغلب على آمل واعتصم منه رتبيل بمكانه ولم يرضه ذلك حين تشاغل عنه الناس حتى طمع في زرنج فغزاها وحصر من بها حَتى أتتهم الأمداد من البصرة وصار رتبيل والذين معه عصبة، وكانت تلك البلاد مذللة إلى أنْ مات معاوية، وقيل في فتح سجستان غير هذا ، وسيرد ذكره إنْ شاء الله تعالى .
ذكر فتح مُكْرَان (2)
وقصد الحكم بن عمرو التغلبي مُكْرَان حتى انتهى إليها ولحق به شهاب بن المخارق ، وسهيل بن عدي ، وعبدالله بن عبدالله بن عتبان فانتهوا إلى دوين النهر وأهل مكران على شاطئه فاستمد ملكهم ملك السند، فأمده بجيش كثيف فالتقوا مع المسلمين فانهزموا وقتل منهم في المعركة مقتلة عظيمة واتبعهم المسلمون يقتلونهم
أياماً حتى انتهوا إلى النهر، ورجع المسلمون إلى مُكران فأقاموا بها وكتب الحكم إلى عمر بالفتح وبعث إليه بالأخماس مع صحار العبدي ، واستأمره في الفيلة فلما قدم المدينة سأل عمر عن مكران وكان لا يأتيه أحد إلا سأله عن الوجه الذي يجيء منه فقال:يا أمير المؤمنين هي أرض سهلها جبل ، وماؤها وشل ، وثمرها دقل ، وعدوها بطل ، وخيرها قليل ، وشرها طويل ، والكثير فيها قليل ، والقليل فيها ضائعٍ ، وما وراءها شر منها. فقال:أسَجاع أنت أم مُخبر؟ لا والته لا يغزوها جيشٌ لي أبدا . وكتب إلى سهيل والحَكم بن عمرو أن لا يجوزن مكران أحد من جنودكما واقتصرا على ما دون النهر وأمرهما ببيع الفيلة التي غنمها المسلمون ببلاد الاسلام ، وقسم أثمانها على الغانمين .
ذكر خبر بَيْرُوذ من الأهواز
ولما فصلت الخيولُ إلى الكور أجتمع ببيروذ جمعٌ عظيمُ من الأكراد، وغيرهم ،وكان عمر قد عهد إلى أبي موسى أنْ يسير إلى أقصى ذمة البصرة حتى لا يؤتى المسلمون من خلفهم وخشي أنْ يهلك بعض جنوده أو يخلفوا في أعقابهم ، فاجتمع الأكراد ببيروذ وأبطأ أبو موسى حتى تجمعوا ثم سار فنزل بهم ببيروذ ، فالتقوا في رمضان بين نهر تيرى ومناذر، وقد توافى إليها أهل النجدات من أهل فارس والأكراد ليكيدوا المسلمين ، وليصيبوا منهم عورة ولم يشكوا في واحدة من اثنتين فقام المهاجر بن زياد وقد تحنط واس تقتل وعزم أبو موسى على الناس فأفطروا، وتقدم المهاجر فقاتل قتالاً شديداً حتى قُتِل . ووهن اللّهُ المشركين حتى تحصنوا في قلة وذلة، واشتد جزع الربيع بن زياد على أخيه المهاجر وعظم عليه فَقْده فرق له أبو موسى فأستخلفه عليهم في جند.
وخرج أبو موسى حتى بلغ أصبهان واجتمع بها بالمسلمين الذين يحاصرون جيا ،فلما فتحت رجع أبو موسى إلى البصرة وفتح الربيع بن زياد الحارثي بيروذ من نهر تيرى وغنم ما معهم ، ووفد أبو موسى وفداً معهم الأخماس فطلب ضبة بن محصن العنزي أن يكون في الوفد فلم يجبه أبو موسى ، وكان أبو موسى قد اختار من سبي بيروذ ستين غلاماً فانطلق ضبة إلى عمرشاكياً، وكتب أبوموسى إلى عمر خبره فلما قدم ضبة على عمر سلم عليه فقال:من أنت؟فاخبره . فقال:لا مرحباً ولا هلًا. فقال:أما المَرْحَب فمن الله وأما الأهل فلا أهل . ثم سأله عمر عن حاله فقال:إنّ أبا موسى انتقى ستين غلاماً من أبناء الدهاقين لنفسه ، وله جارية تغدى جفنة وتعشى جفنة تدعى"عقيلة "، وله قفيزان وله خاتمان وفوض إلى زياد بن أبي سفيان أمور البصرة، وأجاز الحطيئة بألف فاستدعى عمر أبا موسى، فلما قدم عليه حَجَبه أياماً، ثم استدعاه فسأل عمر ضبة عما قال فقال:م خذ ستين غلاماً لنفسه فقال أبو موسى: دللت عليهم وكان لهم فداء ففديتهم وقسمته بين المسلمين . فقال ضبة:ما كذب ولا كذبتُ . فقال:له قفيزان فقال أبو موسى:قفيز لأهلي أقوتهم به وقفيز للمسلمين في أيديهم يأخذون به أرزاقهم . فقال ضبة: ما كذب ولا كذبت ، فلما ذكر عقيلة سكت أبو موسى ولم يعتذر فعلم أنّ ضبة قد صدقه . قال:وولي زياداً أمور الناس ولا يعرف هذا ما يلي قال:رأيتُ له رأياً ونُبلًا فأسندتُ إليه عملي . قال:وأجاز الحطيئة بألف . قال:سددتُ فمه بمالي أن يشتمني فرده عمر وأمره أنْ يرسل إليه زياداً، وعقيلة ففعل ، فلما قدم عليه زياد سأله عن حاله ، وعطائه ، والفرائض ، والسنن ، والقرآن فراه فقيهاً فردّه ، وأمر أمراء البصرة أن يسيروا برأيه ، وحبس عقيلة بالمدينة، وقال عمر:ألا إن ضبة غضب على أبي موسى وفارقه مراغماً إنْ فاته أمرٌ من أمر الدنيا فصدق عليه وكذب فأفسد كذبُه صدقَه فإياكم والكذب فإنه يهدي إلى النار.
بيروذ) بفتح الباء الموحدة وسكون الياء تحتها نقطتان وضم الراء وسكون الواو وآخره ذال معجمة .
ذكر خبر سلمة بن قيس الأشجعي والأكراد .
كان عمر إذا اجتمع إليه جيشٌ من المسلمين أشَ عليهم أميراً من أهل العلم والفقه فاجتمع إليه جيش من المسلمين فبعث عليهم سلمة بن قيس الأشجعي فقال:" سِرْ باسم الله قاتِلْ في سبيل الله من كفر بالله فإذا لقيتم عدوكم فادعوهم إلى الإِسلام فإن أجابوا وأقاموا بدارهم فعليهم الزكاة وليس لهم من الفيء نصيب ، وإنْ ساروا معكم فلهم مثل الذي لكم وعليهم مثل الذي عليكم وإنْ أبوا فادعوهم إلى الجزية فإنْ أجابوا فاقبلوا منهم ، وإنْ أبوا فقاتلوهم ، وإنْ تحصنوا منكم وسألوكم أنْ ينزِلوا على حكم الله ورسوله أو ذمة الله ورسوله فلا تجيبوهم فإنكم لا تدرون أتصيبون حكم الله ورسوله وذمتهما أم لا ، ولا تغدروا ، ولا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ذكر دخول المسلمين بلاد الأعاجم (ذاكرة التاريخ الاسلامي)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ذكر فتح دمشق الباب الثاني (من ذاكرة التاريخ الاسلامي)
» ذكر قصة الشورى وقصة عثمان رضي الله عنه (ذاكرة التاريخ الاسلامي)
» ذكر أخبار الأسود العنسي باليمن(ذاكرة التاريخ الاسلامي)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى بيت الأسرة :: المنتدى الاسلامي :: المكتبة الاسلامية-
انتقل الى: