ثم دخلت سنة اثنتي عشرة
ذكر مسير خالد بن الوليد إلى العراق وصلح الحيرة
في هذه السنة في المحرم منها أرسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد وهو باليمامة.
يأمره بالمسير إلى العراق - وقيل:بل قدم المدينة من اليمامة فسيّره أبو بكر إلى العراق - فسار حتى نزل ببانِقيا(1) ، وباروْسما(2) ، وأتَيْس (3) ، وصالحه أهلها ، وكان الذي صالحه عليها ابن صلوبا على عشرة آلاف دينار سوى حرزة كسرى، وكانت على كل رأس أربعة دراهم ، وأخذ منهم الجزية، ثم سار حتى نزل الحيرة. فخرج إليه أشرافها مع إياس بن قبيصة الطائي -وكان أميراً عليها بعد النعمان بن المنذر - فدعاهم خالد إلى الإسلام أو الجزية أو المحاربة. فاختاروا الجزية فصالحهم على تسعين ألف درهم فكانت أول جزية أخذت من الفرس في الاسلام. هي والقريات التي صالح عليها، وقيل:إنما أمره أبو بكر أن يبدأ بالأبلة وكتب إلى عياض بن غنمٍ أنْ يقصد العراق ويبدأ بالمُصَيخ ويدخل العراق من أعلاه ، ويسير حتى يلقى خالدا، وكان المثنى بن حارثة الشيباني قد استأذن أبا بكر أن يغزو العراق. فأذن له. فكان يغزوهم قبل قدوم خالد ، وأمر أبو بكر خالداً ، وعياضاً أن يستنفرا من قاتل أهل الردة وأن لا يغزون معهما مرتدا ففعلا، وكتبا إليه يستمدانه ، فأمد خالداً بالقعقاع بن عمرو التميمي فقيل له:أتمد (رجلا قد ارفض عند جنوده) برجل واحد؟ فقال:لا يُهزم جيش فيهم مثل هذا. وأمدَ عياضاً بعبد بن غوث الحميري ، وكتب أبو بكر إلى المثنى، وحرملة، ومعذور، وسلمى أنْ يلحقوا بخالد بالأبُلة فقدم خالد ومعه عشرة آلاف مقاتل ، وكان مع المثنى وأصحابه ثمانية آلاف ، ولما قدم خالد فرق جنده ثلاث فرق ولم يحملهم على طريق واحد، على مقدمته المثنى ، وبعده عدي بن حاتم ، وجاء خالد بعدهما، وواعدهما الحفير(1) ليجتمعوا به ، ويصادموا عدوهم ، وكان ذلك الفرج أعظم فروج فارس شأناً وأشدها شوكة. فكان صاحب أسوار اسمه هرمز، فكان يحارب العرب في البر. والهند في البحر، فلما سمع هرمز بهم كتب إلى أردشير الملك بالخبر وجمع جموعه) ثم تعجل هو إلى الكواظم في سرعان أصحابه (ليتلقى خالداً) فسمع أنهم تواعدوا الحفير فسبقهم إليه ، ونزل به ، وجعل على مقدمته قباذ وأنوشجان وكانا من أولاد أردشير الأكبر واقترنوا في السلاسل لئلا يفروا فسمع بهم خالد فمال بالناس إلى كاظمة(2) فسبقه هرمز إليها، وكان سيئ المجاروة للعرب ، فكلهم عليه حَنِق ، وكانوا يضربونه مثلاً (في الخبث) فيقولون:أكفر من هرمز. وقدم خالد فنزل على غير ماء فقال له أصحابه في ذلك:ما تفعل ؟ فقال لهم:لعمري ليصيرن الماء لأصبر الفريقين (وأكرم الجندين). فحطوا أثقالهم (والخيل وقوف) وتقدم خالد الى الفرس. فلاقاهم (واقتتلوا) وأرسل الله سحابة فاغدرت وراء صف المسلمين فقويت قلوبهم ، وخرج هرمز ودعا خالداً إلى المبارزة وواطأ أصحابه على الغَدْر بخالد فبرز إليه خالد ومشى نحوه راجلاً ونزل هرمز أيضاً وتضاربا، فاحتضنه خالد، وحمل أصحاب هرمز فما شغله ذلك عن قتله ، وحمل القعقاع بن عمرو فأزاحهم ، وانهزم أهل فارس ، وركبهم المسلمون (إلى الليل). وسميت الوقعة " ذات السلاسل " ، ونجا قباذ وأنوشجان.
(غزوة ذات السلاسل)
وأخذ خالد سلب هرمز، وكانت قلنسوته بمائة ألف لأنّه كان قد تم شرفه في الفرس ،وكانت هذه عادتهم إذا تم شرف الانسان تكون قلنسوته بمائة ألف (3) وبعث خالد
بالفتح والأخماس إلى أبي بكر، وسار حتى نزل بموضع الجسر الأعظم بالبصرة ، وبعث المثنى بن حارثة في آثارهم ، وأرسل معقل بن مُقرن إلى الأبُلّة ففتحها فجمع الأموال بها والسبْي ،وهذا القول خلاف ما يعرفه أهل النقل لأن فتح الأبلة كان على يد عتبة بن غزوان أيام عمر بن الخطاب سنة أربع عشرة، وحاصر المثنى بن حارثة حصن المرأة ففتحه ، وأسلمت ، ولم يعرض خالد وأصحابه إلى الفلاحين لأن أبا بكر أمرهم بذلك.
ذكر وقعة الثنيّ (1)
لما وصل كتاب هرمز إلى أردشير بخبر خالد أمده بقارن بن قريانس (فخرج قارن من المدائن ممد الهرمز)؛ فلما انتهى إلى المذار لقيه المنهزمون ، فاجتمعوا، ورجعوا ومعهم قباذ وأنوشجان ، ونزلوا الثني – وهو النهر- وسار إليهم خالد فلقيهم ، واقتتلوا فبرز قارن فقتله معقل بن الأعشى بن النباش ، وقتل عاصم أنو شجان ، وقتل عدي بن حاتم قباذ، وكان شرف قارن قد انتهى ، ولم يقاتل المسلمون بعده أحداً انتهى شرفه (في الأعاجم) ، وقتل من الفرس مقتلة عظيمة يبلغون ثلاثين ألفاً سوي مَنْ غَرِق ، ومنعتْ المياهُ المسلمين من طلبهم ، وقسم الفيء وأنفذ الأخماس إلى المدينة وأعطى الأسلاب من سلبها، وكانت الغنيمة عظيمة وسبى عيالات المقاتلة، وأخذ الجزية من الفلاحين وصاروا ذمة ، وكان في السبي أبو الحسن البصري ، وكان نصرانياً ، وأمّر على الجند سعيد بن النعمان ، وعلى الحرز سويد بن مقرن المزني ، وأمره بنزول الحفير (وأمره ببث عماله ، ووضع يده في الجباية)، وأقام يتجسس الأخبار.
ذكر وقعة الوَلَجَة (3)
ولما فرغ خالد من الثني وأتى الخبر أردشير بعث الأندرزغر(4) وكان فارساً من مولدي السواد، وأرسل بهمن جاذويه (5) في أثره في جيش وحشر إلى الأندرزغر من بين الحيرة وكسكر، ومن عرب الضاحية ، والدهاقين ، وعسكروا بالولجة ، وسمع بهم خالد فسار إليهم من الثني فلقيهم بالولجة، وكمن له ، فقاتلهم قتالاً شديداً أشد من الأول حتى ظن الفريقان أنّ الصبر قد فرغ واستبطأ خالد كمينه (وكان قد وضع لهم كميناً في ناحيتين عليهم بسر بن أبي رهم ؛ وسعيد بن مرة العجلي) فخرجوا من ناحيتين فانهزمت صفوف الأعاجم وأخذ خالد من بين أيديهم ، والكمين من خلفهم ، فقتل منهم خلقاً كثيراً ، ومض الأندرزغر منهزماً فمات عطشاً ، وأصاب خالد ابناً لجابر بن بجير وابناً لعبد الأسود من بكر بن وائل ، وكانت وقعة الولجة في صفر وبذل الأمان للفلاحين فعادوا وصاروا ذمة ، وسبي ذراري المقاتلة ومن أعانهم.
ذكر وقعة أليس وهو على الفرات
لما أصاب خالد يوم الولجة ما أصاب من نصارى بكر بن وائل "، الذين أعانوا الفرس غضب لهم نصارى قومهم فكاتبوا الفرس ، واجتمعوا على أليس ، وعليهم عبد الأسود العجلي ، وكان مسلمو بني عجل منهم عتيبة بن النهاس ، وسعيد بن مرة، وفرات بن حيان ، ومذعور بن عديّ ، والمثنى بن لاحق أشد الناس على أولئك النصارى ، وكتب أردشير إلى بهمن جاذويه ، وهو بقسيناثا(1) يأمره بالقدوم على نصارى العرب بأليس ، فقدم بهمن جاذويه جابان إليهم ، وأمره بالتوقف عن المحاربة إلى أن يقدم عليه ، ورجع بهمن جاذويه إلى أردشير ليشاوره فيما يفعل. فوجده مريضاً. فتوقف عليه ، فاجتمع على جابان نصارى عجل ، وتيم اللات ، وضبيعة، وجابر بن بجير، وعرب الضاحية من أهل الحيرة، وكان خالد لما بلغه تجمع نصارى بكر، وغيرهم سار إليهم ولا يشعر بدنو جابان ، (وليست لخالد همة إلا من تجمع له من عرب الضاحية ونصاراهم فأقبل) فلما طلع جابان باليس قالت العجم له:أنعاجلهم أم نغدي الناس ، ولا نريهم أنا نحفل بهم. ثم نقاتلهم ؟ (بعد الفراغ). فقال جابان:إن تركوكم فتهاونوا بهم. فعصوه ، وبسطوا الطعام (ووضعوا الأطعمة ، وتداعوا إليها ، وتوافوا إليها) ، وانتهى خالد إليهم ، وحط الأثقال ، فلما وضعت توجه إليهم وطلب مبارزة عبد الأسود، وابن أبجر، ومالك بن قيس فبرز إليه مالك من بينهم [ فقال له خالد : يا بن الخبيثة ما جرأك عليّ من بينهم ، وليس فيك وفاء فضربه ].فقتله خالد، وأعجل الأعاجم عن طعامهم [ قبل أن يأكلوا ]، فقال لهم جابان : ألم أقل لكم والله ما دخلتني من مقدم جيش وحشة إلا هذا؟ وقال لهم : حيث لم تقدروا على الأكل فسموا الطعام فإن ظفرتم فأيسرها لك وإن كانت لهم هلكوا بأكله . فلم يفعلوا ، واقتتلوا قتالًا شديداً ، والمشركون يزيدهم كلباً وثبوتاً توقعهم قدوم بهمن جاذويه فصابروا المسلمين ، فقال خالد : اللهم إن هزمتهم فعليّ أن لا أستبقي منهم من أقدر عليه حتى أجرى من دمائهم نهرهم ، فانهزمت فارس ، فنادى منادي خالد الأسراء الأسراء إلا من امتنع . فاقتلوه فأقبل بهم المسلمون أسراء ووكل بهم من يضرب أعناقهم يوماً وليلة . فقال له القعقاع وغيره : لو قتلت أهل الأرض لم تجر دماؤهم ، فأرسل عليها الماء تبر يمينك، ففعل وسمى نهر الدم ، ووقف خالد على الطعام وقال للمسلمين : قد نفلتكموه . فتعشى به المسلمون ، وجعل من لم ير الرقاق يقول : ما هذه الرقاع البيض ؟ [ وجعل من قد عرفها يجيبهم . ويقول لهم مازحاً : هل سمعتم برقيق العيش ؟ فيقولون : نعم فيقولون : هو هذا ] وبلغ عدد القتلى سبعين ألفاً، وكانت الوقعة في صفر، فلما فرغ من أليس . سار إلى أمغيشيا - وقيل اسمها : منيشيا - فأصابوا فيها ما لم يصيبوا مثله لأن أهلها أعجلهم المسلمون أن ينقلوا أموالهم ، وأثاثهم ، وكراعهم وغير ذلك ، وأرسل إلى أبي بكر بالفتح . ومبلغ الغنائم ، والسبي ، وأخرب أمغيشيا،
فلما بلغ ذلك أبا بكر قال : عجزت النساء أنْ يلدن مثل خالد.
ذكر ردة أهل عمان ومهرة
قد اختلف في تاريخ حرب المسلمين هؤلاء المرتدين ، فقال ابن إسحاق:كان فتح اليمامة واليمن والبحرين وبعث الجنود إلى الشام سنة اثنتي عشرة ، وقال أبو معشر، ويزيد بن عياض وابن جعدبة، وأبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر: إنّ فتوح الردة كلها (كانت) لخالد وغيره سنة إحدى عشرة إلا أمر ربيعة بن بجير فإنه كان سنة ثلاث عشرة، وقِصته أنه بلغ خالد بن الوليد أنّ ربيعة بالمصيخ (2) والحصيد في جمع من المرتدين ، فقاتله وغنم وسبى وأصاب ابنة لربيعة فبعث بها إلى أبي بكر فصارت إلى علىّ بن أبي طالب. وأما عمان فإنه نبغ بها ذو التاج لقيط بن مالك الأزدي ، وكان يسمى في الجاهلية الجنلدى ، وادعى بمثل ما ادعى من تنبأ، وغلب على عمان مرتداً ، والتجأ جيفر وعباد إلى الجبال وبعث جيفر إلى أبي بكر يخبره ويستمده عليه ، وبعث أبو بكر حذيفة بن محصن الغلفاني من حمير، وعرفجة البارقي من الأزد حذيفة إلى عمان ، وعرفجة إلى مهرة، وكل منهما أمير على صاحبه في وجهه فإذا قربا من عمان يكاتبان جيفراً فسار إلى عمان ، وأرسل أبو بكر إلى عكرمة بن أبي جهل وكان بعثه إلى اليمامة فأصيب ، فأرسل إليه أن يلحق بحذيفة وعرفجة بمن معه يساعدهما على أهل عمان ومهرة فإذا فرغوا منهم سار إلى اليمن فلحقهما عكرمة قبل عمان ، فلما وصلوا رجاما - وهي قريب من عمان - كاتبوا جيفراً وعباداً ، وجمع لقيط جموعه ، وعسكر بدَبا، وخرج جيفر وعباد وعسكرا بصُحَار(2)، وأرسلا إلى حذيفة وعكرمة وعرفجة (في القدوم عليهما) فقدموا عليهما، وكاتبوا رؤساء مع لقيط (وبدأوا بسيد بني جديد فكاتبهم وكاتبوه حتى ارفضوا عنه. ثم التقوا على دَبا فاقتتلوا قتالاً شديداً، وأستعلى لقيط ، ورأى المسلمون الخلل ، ورأى المشركون الظفر، فبينما هم كذلك جاءت المسلمين موادهم العظمى من بني ناجية وعليهم الخريت بن راشد، ومن عبد القيس ، وعليهم سيحان بن صُوحان وغيرهم فقوَّي الله المسلمين (بهم ووهن بهم أهل الشرك) فولى المشركون الأدبار، فقتل منهم في المعركة عشرة آلاف ، وركبوهم حتى أثخنوا فيهم وسبوا البن الذراري ، وقسموا الأموال وبعثوا بالخمس إلى أبي بكر مع عرفجة ، وأقام حذيفة بعمان (حتى يوطىء الأمور)، ويسكن الناس. وأما مهرة فإنّ عكرمة بن أبي جهل سار إليهم لما فرغ من عمان ومعه من استنصر من ناجية ، وعبد القيس ، وراسب وسعد ، فاقتحم عليهم بلادهم. فوافق بها جمعين من مهرة أحدهما مع سخريت رجل منهم ، والثاني مع المصبح أحد بني محارب ،ومعظم الناس معه ، وكانا مختلفين فكاتب عكرمة سخريتاً فأجابه وأسلم ، وكاتب المصبح يدعوه فلم يجب ؟ فقاتله قتالاً شديداً (أشد من قتال دَبَا) فانهزم المرتدون وقتل رئيسهم وركبهم المسلمون فقتلوا من شاؤوا منهم وأصابوا ما شاؤوا من الغنائم ، وبعث الأخماس إلى أبي بكر مع سخريت وأزداد عكرمة وجنده قوة بالظهر والمتاع ، وأقام عكرمة حتى اجتمع الناس على الذي يحب وبايعوا على الاسلام.
ذكر خبر ردة اليمن
لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وعلى مكة وأرضها عتاب بن أسِيد، وعلى عك والأشعريين الطاهر بن أبي هالة، وعلى الطائف عثمان بن أبي العاص ، ومالك بن عوف النصري:عثمان على المدن. ومالك على أهل الوبر وبصنعاء فيروز، وداذويه يسانده ، وقيس بن مكشوح ، وعلى الجند يعلى بن أمية، وعلى مارب أبو موسى ، وكان منهم مع الأسود الكذاب ما ذكرناه ، فلما أهلك الله الأسود العنسي بقي طائفة من أصحابه يترددون بين صنعاء ونجران لا تأوي إلى أحد ، ومات النبي صلى الله عليه وسلم على أثَرَ ذلك فارتد الناسُ ، فكتب عتاب بن أسيد إلى أبي بكر يعرفه خبر مَنْ ارتد في عمله ، وبعث عتاب أخاه خالداً إلى أهل تهامة، وبها جماعة من مدلج وخزاعة، وأبناء كنانة، وأما كنانة فعليهم جندب بن سلمى فالتقوا بالأبارق فقتلهم خالد وفرّقهم وأفلت جندب وعاد، وبعث عثمان بن أبي العاص بعثاً إلى شنوأة وبها جماعة من الأزد وبجيلة وخثعم ، وعليهم حُميضة بن النعمان ، واستعمل عثمان على السرية عثمان بن أبي ربيعة فالتقوا بشنوأة فانهزم الكفار وتفرقوا وهرب حميضة في البلاد. وأما الأخابث من العك فكانوا أول منتقض بتهامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم (ثم تجمع) عك والأشعريون وأقاموا على الأعلاب (طريق الساحل) فسار إليهم الطاهر بن أبي هالة ومعه مسروق وقومه من عك ممن لم يرتد فالتقوا على الأعلاب ، فانهزمت عك ومن معهم وقتلوا قتلاً ذريعاً (وأنتنت السبل لقتلهم) وكان ذلك فتحاً عظيماً ، وورد كتاب أبي بكر على الطاهر يأمره بقتالهم وسَمًاهم الأخابث وسمى طريقهم طريق الأخابث فبقي الاسم عليهم إلى الآن.
وأما أهل نجران فلما بلغهم موت النبي صلى الله عليه وسلم (وهم يومئذ أربعون ألف مقاتل) أرسلوا وفداً ليجددوا عهدهم مع أبي بكر. فكتب بذلك كتاباً.
وأما بجيلة فإن أبا بكر رد جرير بن عبدالله وأمره أنْ يستنفر من قومه مَن ثبت على الإسلام ويقاتل بهم من ارتد عن الاسلام ، وأن يأتي خثعم فيقاتل من خرج غضباً لذي الخلصة. فخرج جرير وفعل ما أمره فلم يقم له أحد إِلا نفر يسير فقتلهم وتتبعهم.
ذكر خبر ردة اليمن ثانية
وكان ممن ارتد ثانية قيس بن عبد يغوث بن مكشوح ، وذلك أنه لما بلغه موت النبي صلى الله عليه وسلم عمل في قتل فيروز وداذويه وجشيش ، وكتب أبو بكر إلى عمر ذي مران وإلى سعيد ذي زود ، وإلى ذي الكلاع ، وإلى حوشب ذي ظليم ، وإلى شهر ذي نياف يأمرهم بالتمسك بدينهم والقيام بأمر الله ويأمرهم بإعانة الأبناء على من ناوأهم ، والسمع لفيروز. وكان فيروز، وداذويه ، وقيس قبل ذلك متساندين ، فلما سمع قيس بذلك كتب إلى ذي الكلاع وأصحابه يدعوهم إلى قتل الأبناء، وإخراج أهلهم من اليمن فلم يجيبوه ولم ينصروه على الأبناء، فاستعد لهم قيس (وتربص لقتل رؤسائهم)، وكاتب أصحاب الأسود المترددين في البلاد سراً يدعوهم ليجتمعوا معه فجاؤوا إليه ، فسمع بهم أهل صنعاء فقصد قيس فيروز وداذويه ، فاستشارهما في أمره خديعة منه ليلبس عليهما (ولئلا يتهماه) فاطمأنًا إليه ، ثم إنّ قيساً صنع من الغد طعاماً ودعا داذويه وفيروز وجشيش ، فخرج داذويه فدخل عليه فقتله ، وجاء إليه فيروز فلما دنا منه سمع امرأتين (على سطحين) تتحدثان ، فقالت إحداهما:هذا مقتول كما قتل داذويه ، فخرج فطلبه أصحاب قيس فخرج يركض ولقيه جشيش فرجع معه فتوجها نحو جبل خولان وهم أخوال فيروز فصعدا الجبل ورجعت خيول قيس فأخبروه فثار بصنعاء وما حولها، وأتته خيول الأسود، واجتمع إلى فيروز جماعة من الناس ، وكتب إلى أبي بكر يخبره ، واجتمع إلى قيس عوام قبائل من كتب أبو بكر إلى رؤسائهم ، واعتزل الرؤساء. وعمد قيس إلى الأبناء ففرقهم ثلاث فرق من أقام أقر عياله ، والذين ساروا مع فيروز فرق عيالهم فرقتين فوجه إحداهما إلى عدن ليحملوا في البحر وحمل الأخرى في البر، وقال لهم جميعهم
لحقوا بأرضكم ، (وبعث معهم من يسيرهم ، فكان عيال الديلمي ممن سير في البر، وعيالى داذويه ممن سير في البحر) فلما علم فيروز ذلك جدّ في خربه وتجرد لها وأرسل إلى بني عقيل بن ربيعة بن عامر يستمدهم وإلى عك ليستمدهم فركبت عقيل (وعليهم رجل من الحلفاء يقال له معاوية)، فلقوا خيل قيس بن عامر، ومعهم عيالات الأبناء الذين كان قد سيرهم قيس فاستنقذوهم ، وقتلوا خيل قيس ، وسارت عك (وعليهم مسروق) فاستنقذوا طائفة أخرى من عيالات الأبناء ، وقتلوا من معهم من أصحاب قيس ، وأمدت عقيل وعك فيروز بالرجال ، فلما أتته أمدادُهم خرج بهم وبس اجتمع عنده فلقوا قيساً دون صنعاء فاقتتلوا قتالَاَ شديداً وانهزم قيس وأصحابه ، وتذبذب أصحاب العنسىِ وقيس معهم فيما بين صنعاء ونجران. قيل:وكان فروة بن مسيك قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً فاستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات مراد ومَنْ نازلهم ونزل دارهم ، وكان عمرو بن معد يكرب الزبيدي قد فارق قومه سعد العشيرة وانحاز إليهم ، وأسلم معهم ، فلما ارتد العنسي ومعه مَذحِج (ولَد عمرو فيمن ارتد، وكان عمرو مع خالد بن سعيد بن العاص فلما ارتد سار إليه خالد فلقيه (فاختلفا ضربتين) فضربه خالد على عاتقه (فقطع حمالة سيفه فوقع ووصلت الضربة إلى عاتقه ، وضربه عمرو فلم يصنع شيئاً) فهرب منه وأخذ خالد سيفه الصمصامة وفرسه ، فلما ارتد عمر وجعله العنسي بإزاء فروة فامتنع كل واحدٍ منهما من البراح لمكان صاحبه فبينما هم كذلك قدم عكرمة بن أبي جهل أبْيَن (1)، من مهرة -وقد تقدمٍ ذكر قتال مهرة - ومعه بشر كثير من مهرة وغيرهم ، فاستبرأ النخع ، وحمير، وقدم أيضا المهاجر بن أبي أمية في جمع من مكة والطائف وبجيلة مع جرير إلى نجران فانضم إليه فروة بن مُسيك المرادي فأقبل عمرو بن معد يكرب مستخفياً حتى دخل على المهاجر من غير أمان فأوثقه المهاجر وأخذ قيساً أيضاً فأوثقه ، وسيرهما إلى أبي بكر فقال:يا قيس قتلت عباد الله ؛ واتخذت المرتدين والمشركين وليجة من دون المؤمنين (وهَمَّ بقتله لو وجد أمراً جلياً)، فانتفى قيس من أنْ يكون قارف من أمر داذويه شيئاً – وكان قتله سراً – فتجافى له عن دمه ، وقال لعمرو: أما تستحي أنك كل يوم مهزوم أو مأسور لو نصرت هذا الدين لرفعك الله.
فقال:لا جَرَم لأقبلن ولا أعود. (ثم خلى سبيله) ورجعا إلى عشائرهما، فسار المهاجر من نجران والتقت الخيول على أصحاب العنسي فاستأمنوا فلم يؤمنهم وقتلهم بكل سبيل ، ثم سار إلى صنعاء فدخلها وكتب إلى أبي بكر بذلك.
ذكر ردة حضرموت وكندة
لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعماله على بلاد حضرموت:زياد بن لبيد الأنصاري على حضرموت ، وعكاشة بن أبي أمية على السكاسك والسكون ، والمهاجر بن أبي أمية على كندة استعمله النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يخرج إليها حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم ، فبعثه أبو بكر (بعد) إلى قتال مَن باليمن ، ثم المسير بعد إلى عمله ، وكان قد تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاتب عليه فبينما أم سلمة تغسل رأس النبي صلى الله عليه وسلم قالت:كيف ينفعني عيش وأنت عاتب على أخي ؟ فرأت منه رِقَّة فأومأت إلى خادمها فدعته فلم يزل بالنبي صلى الله عليه وسلم يذكر عذره حتى (عَذَره) ورضي عنه واستعمله على كندة. فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يَسِر إلى عمله ثم سار بعده ، وكان سبب ردة كندة وإجابتهم الأسود الكذاب حتى لعن النبي صلى الله عليه وسلم الملوك الأربعة منهم أنهم لما أسلموا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوضع بعض صدقة حضرموت في كندة، وبعض صدقة كندة في حضرموت ، وبعض صدقة حضرموت في السكون ، وبعض صدقة السكون في حضرموت ، فقال بعض بني وليعة من كندة لحضرموت:ليس لنا ظهر فإنْ رأيتم أنْ تبعثوا إلينا بذلك على ظهر. قالوا: فإنا ننظر فإن لم يكن لكم ظهر فعلنا. فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم (وجاء ذلك الأبان دعا زياد الناس إلى ذلك فحضروه) قالت بنو وليعة: أبلغونا كما وعدتم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقالوا:إنّ لكم ظهراً (فهلموا) فاحتملوا. فقالوا لزياد:أنت معهم علينا فأتي الحضرميون ولج الكنديون ورجعوا إلى دارهم وترددوا في أمرهم ، وأمسك عنهم زياد انتظاراً للمهاجر، وكان المهاجر لما تأخر بالمدينة قد استخلف زياداً على عمله ، وسار المهاجر من صنعاء إلى عمله ، وعكرمة بن أبي جهل أيضاً (فالتقيا بمأرب ، ثم فوزا من صهيد حتى اقتحما حضرموت) فنزل أحدهما على الأسود والآخر على وائل ، وكان زياد بن لبيد قد وَليَ صدقات بني عمرو بن معاوية من كندة بنفسه فقدم عليهم (وهم بالرياض) فكان أول مَنْ انتهى إليه منهم شيطان بن حجر فأخذ منهم بكرة ووسمها، فإذا الناقة للعداء بن حجر أخي شيطان (وليست عليه صدقة)، وكان أخوه قد أوهم حين أخرجها ، وكان اسمها شذرة وظنها غيرها فقال العداء:هذه ناقتي. فقال شيطان: (صدق أخي فإني لم أعطكموها إلا وأنا أراها غيرها) ، فأطلقها وخُذْ غيرها.
(فرأى زياد أن ذلك منه اعتلال) فاتهمه بالكفر ومباعدة الإسلام فمنعهما عنها ،وقال:صارت في حق الله فلجا في أخذها.
فقال لهما: لا تكونن شذرة عليكم كالبسوس. فنادى العداء يا آل عمرو (بالرياض) أضام وأضطهد! إن الذليل مَنْ أكِلَ في داره (1)، ونادى حارثة بن سراقة بن معد يكرب فأقبل إلى زياد وهو واقف فقال:أطلق بكرة الرجل وخذ غيرها. فقال زياد:مالي إلى ذلك سبيل ؟ فقال حارثة:ذاك إذا كنت يهودياً (وعاج إليها) وأطلق عقالها (ثم ضرب على جنبها) فبعثها ، وقام دونها فأمر زياد شباباً من حضرموت والسكون فمنعوه وكتفوه وكتفوا أصحابه وارتهنوهم وأخذوا البكرة ، وتصايحت كندة وغضبت بنو معاوية لحارثة وأظهروا أمرهم ، وغضبت حضرموت والسكون لزياد وتوافى عسكران عظيمان من هؤلاء (وهؤلاء) ولم يحدث بنو معاوية شيئاً لمكان أسراهم ولم يجد أصحاب زياد سبيلاً (على بني معاوية) يتعلقون به عليهم ، وأمرهم زياد بوضع السلاح فلم يفعلوا ، وطلبوا أسراهم فلم يطلقهم (وقال له السكون:ناهد القوم فإنه لا يعظمهم إلا ذلك)، ونهد إليهم ليلًا فقتل منهم وتفرقوا، فلما تفرقوا أطلق حارثة ومن معه ، فلما رجع الأسرى إلى أصحابهم حرضوهم على زياد ومن معه ، واجتمع منهم عسكر كثير، ونادوا بمنع الصدقة، (فتركهم زياد، ولم يخرجه إليهم ، وتركوا المسير إليه) فأرسل الحصين بن نمير (إليهم فما زال يسفر فيما بينهم وبين زياد وحضرموت والسكون حتى سكن بعضهم عن بعض فأقاموا بعد ذلك يسيراً ، ثم إنّ بني عمرو بن معاوية من كندة نزلوا المحاجر-وهي أحماء حموها - فنزل جمد محجراً، ومخوص محجراً، ومشرح محجراً ، وأبضعة محجراً ، واختهم العمردة محجراً ، وهم الملوك الأربعة رؤساء عمرو الذين لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكروا قبل ، ونزلت بنو الحارث بن معاوية محاجرها فنزل الأشعث بن قيس محجراً، والسمط بن الأسود محجراً وأطبقت بنو معاوية كلها على منع الصدقة إلا شرحبيل بن السمط وابنه فإنهما قالا لبني معاوية:إنه لقبيح بالأحرار التنقل ، إن الكرام ليلزمون الشبهة فيتكرمون أن ينتقلوا إلى أوضح منها مخافة العار فكيف الانتقال من الأمر الحسن الجميل والحق إلى الباطل والقبيح ؟ اللهم إنا لا نمالئ قومنا على ذلك. وانتقل ونزل مع زياد ومعهما امرؤ القيس بن عابس وقالا له:بَتت القوم فإن أقواماً من السكاسك والسكون قد انضموا إليهم ، وكذلك شذاذ من حضرموت فإن لم تفعل خشينا أن تتفرق الناس عنا إليِهم.
فأجابهم إلى تبييت القوم فاجتمعوا وطرقوهم فوجدوهم جلوساً حول نيرانهم (فعرفوا من يريدون) فأكبوا على بني عمرو بن معاوية وفيهم العدد والشوكة من خمسة أوجه (في خمس فرق) فأصابوا مشرحاً، ومخوصاً، وجمداً ، وأبضعة وأختهم العمردة ، وأدركتهم لعنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقتلوا فأكثروا ، وهرب من أطلق الهرب ، (ووهنت بنو عمرو بن معاوية فلم يأتوا بخير بعدها) ، وعاد زياد بن لبيد بالأموال والسبي واجتازوا بالأشعث ، فثار في قومه واستنقذهم ، وجمع الجموع ، وكتب زياد إلى المهاجر يستحثه فلقيه الكتاب بالطريق فاستخلف على الجند عكرمة بن أبي جهل وتعجل في سرعان الناس وقدم على زياد، وسار إلى كندة فالتقوا بمحجر الزُرقان فاقتتلوا فانهزمت كندة وقتلت وخرجوا هراباً فالتجؤوا إلى النجير، وقد رموه وأصلحوه.
وسار المهاجر فنزل عليهم واجتمعت كندة في النجير فتحصنوا به فحصرهم المسلمون ، وقدم اليهم عكرمة فاشتد الحصر على ئ لى ة، وتفرقت السرايا قي طلبهم ، فقتلوا منهم ، وخرج من بالنجير من كندة وغيرهم فقاتلوا المسلمين فكثر فيهم القتل ، فرجعوا إلى حصنهم ، وخشعت نفوسهم ، وخافوا القتل ، وخاف الرؤساء على نفوسهم ، فخرج الأشعث ومعه تسعة نفر، فطلبوا من زياد أن يؤمنهم وأهليهم على أن يفتحوا له الباب فأجابهم إلى ذلك وقال
كتبوا ما شئتم ، ثم هلموا الكتاب حتى اختمه. ففعلوا، ونسي الأشعث أنْ يكتب نفسه لأن جحدماً وثب عليه بسكين. فقال:تكتبني أو أقتلك فكتبه ، ونسي نفسه ففتحوا الباب فدخل المسلمون فلم يدعوا (فيه) مقاتلاً إلا قتلوه وضربوا أعناقهم صبراً وأخذوا الأموال والسبي فلما فرغوا منهم ، دعا الأشعث أولئك النفر والكتاب معهم فعرضهم فأجاز مَنْ في الكتاب فإذا الأشعث ليس منهم ، فقال المهاجر: الحمد لله الذي خطأك نوءك:يا أشعث ، يا عدو الله ، قد كنت اشتهي أنْ يخزيك الله.
وشَده كتافاً (وهمّ بقت له) فقيل له:أخَرْه وسَيِّرْه إلى أبي بكر فهو أعلم بالحكم فيه. فسيّره إلى أبي بكر مع السبي.
وقيل:إن الحصار لما اشتد على مَن بالنجير نزل الأشعث إلى المهاجر وزياد والمسلمين فسألهم الأمان على دمه وماله حتى يقدموا به على أبي بكر فيرى فيه رأيه على أنْ يفتح لهم النجير، ويسلم إليهم من فيه ، وغدر بأصحابه ، فقبلوا ذلك منه ، ففتح لهم الحصن فاستنزلوا من فيه من الملوك ، فقتلوهم ، وأوثقوا الأشعث ، وأرسلوه مع السبي إلى أبي بكر، فكان المسلمون يلعنونه ويلعنه سبايا قومه ، وسماه نساء قومه "عرف النار" وهو اسم الغادر عندهم ، فلما قدم المدينة قال له أبو بكر: ما تراني أصنع بك ؟ قال:لا علم. قال:فإني أري قتلك. قال:فإني أنا الذي راوضت القوم في عشرة فما يحل دمي. (قال:أفوضوا إليك ؟ قال:نعم قال:ثم أتيتهم بما فوضوا إليك فختموه لك قال:نعم) قال:إنما وجب الصلح بعد ختم الصحيفة على من فيها، وإنما كنت قبل ذلك مراوضاً.
فلما خشي القتل قال:أو تحتسب فيّ خيراً فتطلق اسارى، وتقيلني عثرتي ،وتفعل بي مثل ما فعلت بأمثالي وترد عليّ زوجتي ؟ -وقد كان خطب أم فروة أخت أبي بكر فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم أخّرها إلى أن يقدم الثانية فمات النبي صلى الله عليه وسلم وارتد - فإن فعلت ذلك تجدني خير أهل بلادي لدين الله.
فحقن دمه وردّ عليه أهله وأقام بالمدينة حتى فتح العراق ، وقسم الغنائم بين الناس. وقيل:إن عكرمة قدم بعد الفتح (مدداً لهم) فقال زياد والمهاجر لمن معهما:إنّ إخوانكم قدموا مدداً لكم (وقد سبقتموهم بالفتح) فأشركوهم في الغنيمة. ففعلوا وأشركوهم. ولما ولي عمر بن الخطاب قال:إنه لقبيح بالعرب أن يملك بعضهم بعضاً، وقد وسع الله عز وجل وفتح الأعاجم واستشار في فداء سبايا العرب في الجاهلية والإسلام إِلا امرأة ولدت لسيدها وجعل فداء لكل انسان ستة أبعرة أو سبعة إلا حنيفة وكندة فإنه خفف عليهم لقتل رجالهم (وأهل دَبا) فتتبع النساء بكل مكان ففدوهن. وفيها انصرف معاذ بن جبل من اليمن. وفيها استقضى أبو بكر عمر بن الخطاب ،وكان يقضي بين الناس خلافته كلها. وحج بالناس في هذه السنة عتاب بن أسيد، وقيل:عبد الرحمن بن عوف.